



الإعلامي /عبدالواحد فضل
يكتب/لما كنا صغيرين
في مسقط رأسي قريتي الحبيبة الشيخ مسعود التابعة لمركز العدوه محافظة المنيا عشت سنوات جميلة مع ناس أجمل كان وجودهم معنا حياة.
حياة بسيطة بعيدة عن أي تكلف…عادات وتقاليد وقيم أخلاقية ومبادئ لا تتجزا ناس كانت ترضي بأقل القليل من الأشياء وسبل العيش فكانت البركة تغشاهم في كل شئ في حياتهم مأكلهم ومشربهم .
كانت لي جدة رحمة الله عليها تصر على عدم رفع الطبلية تحسباً لقدوم أي ضيف في أي وقت والطعام بفضل الله موجود طول الوقت لأكرام الضيف.
ناس قلوبها كانت بيضاء لا حقداً ولا حسداً أو غل لأحد..
ناس تحب بعضها البعض، ناس تسعى لعمل الخير، وحب الخير لها وللغير.. وتتقاسم لقمة العيش والطعام مع الأهل والجيران.
كنت أرى بأم عيني والدي وأعمامي رحمة الله عليهم أجمعين لا يبات الواحد منهم ليلته
حتى يطمئن على الاخر (أخيه ) .
كان دائم السؤال عنه وعن صحته وظروفه واحتياجاته ويحترمه ويعلم ما يفرحه وما يعكر صفو حياته والأجمل أن تلك العلاقات الطيبة تمتد لتشمل جميع أفراد العائلة بل كافة الأهل والجيران والأصدقاء.
كنت أشاهد والدي وأعمامي يصلون الرحم ويشاركون الأهل والاحباب والأصدقاء افراحهم واحزانهم….وأكاد أجزم أن ذلك كان سائداً بين أهالي القرية جميعاً وكان هناك ترابط أسري وعلاقات محبة واحترام سائدة بين الجميع.
كان الواحد منهم يذهب لأصدقائه وأقاربه يسأل عن أحوالهم وقد يضطر في أغلب الأحيان للذهاب سيراً على الأقدام رغم بعد المسافات طواعية وحباً وحرصاً على أداء صلة الرحم وتقديم واجب العزاء أو التهنئة بالمناسبات السعيدة..
كان العم والخال بمثابة الوالد
عشت سنين طويلة ومازلت اقول رايح اؤ جاي من (بيت ابويا زكي اوبيت ابويا فتحي اوبيت ابويا فهمي أوبيت ابويا محمود أوبيت ابويا عبدالمهيمن أوبيت ابويا عبدالمغيث )وغيرهم من الاقارب
أما الخالة هي الام الثانية الطيبة الحنونة حتى زوجة العم كنا نطلق عليها من فرط محبتها لقب (خالتي).
وكنا حريصين على تواصلهم ومحبتهم ونيل رضاهم.
لما كنا صغار كنا محظوظين ان عشنا هذا الزمن الجميل وهذه القيم النبيلة التي توارت مع بداية جيل الألفين وظهور وسائل الاتصالات الحديثة والانترنت والفيس والماسينجر والواتس وتويتر واليوتيوب وغيرها من اساليب التكنولوجيا الحديثة التي تم استخدامها بطريقة غير صحيحة فأثرت سلبياً على حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية.
فنحن نعلم جيداً أن تلك الأساليب لن تؤتي ثمارها إلا لو احسن استغلالها.
وقد يكون لها ضرر كبير جداً لو اساءنا استغلالها واستعمالها.
كنا واحنا صغار نتوارئ إجلالاً واحتراماً وخجلاً لو لمحنا من بعيد معلمنا على أول الشارع ونحن نلهو ونلعب..أما الآن فحدث ولا حرج على علاقة الطالب بالمعلم…الا من رحم ربي.
كنا واحنا صغيرين نفعل ونقول ما تربينا عليه من عادات وتقاليد وأخلاقيات حسنة نحترم الكبير ونقدره ولا نرفع أصواتنا في حضوره..
كنا نسمع كلامه وناخد بمشؤرته.
كنا نفهم نظرات عيونهم قبل أن ينطق اللسان بالكلمات أو تتحرك الأيادي بالاشارات.
لما كنا صغيرين كنا أهل وأصدقاء وأصحاب وجيران بنخاف على بعض وبنود بعض.
وبنساعد بعض على المعايش.
نشارك ونعيش ظروف بعضنا البعض
ونشارك في كل المناسبات السارة والحزينة الخلاصة كنا أكثر من اخوات.
كان الأجداد والاباء يعلمون الابناء الفضيلة والكرم والجود ومحبة الناس وصلة الرحم واحترام الكبير وكل الاخلاق الحسنة (الحميدة).
كانت تجمعنا الوجبات الغذائية الثلاثة على طبلية
أما الآن نادراً ما تجمعنا وجبة غذائية واحدة مع انتشار وجبات التيك آوي واختلاف المواعيد الخاصة بأفراد الأسرة الواحدة.
كنا زمان نجتمع كاسرة واحدة ونناقش امور حياتنا ومشاكلنا وكيفية حلولها،
أما الآن نادراً ما نجتمع ولو شاء القدر واجتمعنا غالباً ما يسيطر على احاديثنا فكر الصوت الواحد العالي الذي لا يفيد ؛لذا تظل امورنا معقدة ومشاكلنا معلقة تبحث عن حلول..إلا من رحم ربي
الآن ايضاً عندما يجمعنا مكان واحد كأسرة واحدة تجد كل منا مشغول مع عالمه الافتراضي من فيس وواتس وماسينجر وتويتر ويوتيوب وتيك توك وتليجرام وانستجرام وليلة كبيرة من عالم السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعي
التي اضرت كثيراً واثرت كثيراً على عاداتنا وتقاليدنا بالسلب مع سوء استغلالها واستخدامها.
حتى تجمع الأصدقاء على الكافيهات والمقاهي الان يكون شغلهم الشاغل هو اين مصدر الكهرباء(البريزة) ؟؟!!
ورقم الواي فاي كام ؟؟!!
أو عليهم اتباع شعار صاحب المقهى واللافتة المعلقة على جدران المقهى والمدون عليها عبارة( خد كارت بجنيةواقعد على النت يا بيه).
حتى ابنائنا الان نادراً ما نجلس معهم أو نعرف حتى أصدقائهم أو مستوياتهم التعليمية على عكس ما كان يفعل اجدادنا وأباءنا معانا زمان من متابعة…. إلا من رحم ربي
عادات وتقاليد تغيرت ورحلت عنا اخلاقيات جميلة برحيل الناس الجميلة والزمن الجميل.
وأكاد أجزم أن كل القرى والأرياف في صعيد مصر ووجه بحري كانت تعيش نفس الحالة الطيبة من مكارم الأخلاق.
أعلم جيداً أن الأجيال تغيرت والحياة اختلف أسلوبها إلا أنه للأسف الشديد تغيرللأسوأ
سرد كيف كان ماضينا الجميل؟!
وكيف اصبحنا الان؟!
وكيف تغيرت عاداتنا وتقاليدنا واخلاقياتنا؟!
موضوع يحتاج لمزيد من الحديث.
الخلاصة..زمن أهالينا الطيبين الذين رحلوا عنا من سنين سيظل دائمأ وأبداً هو الزمن الجميل ؛
وستظل ذكراهم الطيبة وسيرتهم العطرة تعيش معانا ما حيينا .
ليتنا نعود إلى اخلاقيات آباءنا وأجدادنا ونتمسك بتعاليم ديننا الحنيف.دمتم في رعاية الله وحفظه
والله من وراء القصد
والله الموفق و المستعان