مقال

والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين


بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد اعلموا يا معاشر المؤمنين أن التقوى هي وصية الله تعالي للأمم السابقة والأمم اللاحقة، ولقد كان صلى الله عليه وسلم يوصي من يستوصيه بالتقوى، واعلموا معاشر المؤمنين أن التقوى لا يلزم منها أن يكون العبد معصوما من الذنوب والخطايا واللمم، بل إن العباد خطاءون، وخير الخطائين التوابون.

ويقول الله تعالي في محكم كتابه في سياق صفات المؤمنين ” والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون ” فعدّهم الله تعالي من المتقين مع أنه جل وعلا قال” والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا انفسهم ” ولكنهم لم يصروا على هذا الظلم وأقلعوا عن تلك المعصية، وكما يقول الله تعالي أيضا ” إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ” فهذا دليل على أن المتقين قد ينالهم ما ينالهم من مس طائف الشيطان ولكن العبرة بالمتذكرين المنيبين المخبتين الأوابين إلى ربهم، وبعد ذلك ينقلبون من حال المعصية إلى حال التوبة الصادقة النصوح، وبذا يكونون في عداد المؤمنين المتقين، واعلموا إن الشيطان الرجيم يأتي إلى كثير من الناس يوم أن يفعل أحدهم معصية.

أو يجترح خطيئة، ويسوّد صفحات أعماله أمامه، ويقول له لست في عداد المتقين، ولا من المؤمنين، وييئسه من رحمة الله، ويقنّطه من عفوه ومغفرته، وبعد ذلك قد يصيب الإنسان ما يصيبه من الإصرار على المعصية يأسا وقنوطا من مغفرة الله وعفوه عنه، واعلموا يرحمكم الله أن من الحقوق الإسلامية هو حق الطفل في الإسلام أن يرضع من حليب أمه لقول الله تعالي كما جاء في سورة البقرة ” والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ” وقد ثبتت قيمة هذه الرضاعة وأثرها على الطفل صحيا ونفسيا وبذلك استحقت الأم أولوية حسن المصاحبة كما جاء في الحديث النبوي الوارد في الصحيحين، فحق لها هذا التكريم النبوي فهي التي حملت، وهي التي ولدت، وهي التي أرضعت، وكما أن من أهم حقوق الطفل في إسلامنا العظيم هو حقه في التربية.

وأساس التربية أن نرعى فيه من أيامه الأولي بذرة “لا إله إلا الله محمد رسول الله” صلى الله عليه وسلم، التي جعلها الله تبارك وتعالي في فطرة كل مولود فقد جاء في الصحيحين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كل مولود يولد علي الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ” فكل مولود يأتي إلى دنيا الناس مسلما موحدا، يأتي محبا لله ولرسوله، وعلى الأبوين رعاية تلك الفطرة، فإنسجام الأبوين داخل الأسرة وتعاملهما بما أمر الله ورسوله في كل شأن من شؤون الحياة هو الطريق التي يسلكها الطفل خلف أبويه، وهذا حقه على والديه، فمن حقه أن يجد المودة والرحمة قائمتين في البيت، ومن حقه أيضا أن يجد توجيهه نحو الخير والصلاح، ومن حقه كذلك أن يرى حمايته من كل شر وافد، أن يكون في حصن الخلق الرفيع لأننا نعيش في زمن.

كثرت فيه وسائل الإعلام الفاسدة والمفسدة، المخربة للأخلاق بشاشاتها الواردة من كل حدب وصوب، فماذا نفعل لنحمي أبناءنا من هولها؟ فإن الملاذ هو التمسك بهذا الدين، وهو إشباع الأبناء من الغذاء الروحي، هو أن نحصنهم بدقة تعاملنا بشرع الله أمامهم، بأن يعيشوا الألفة والمحبة الأسرية حتى نقيهم الشرور المحيطة، وهذا حقهم علينا، ومن حقهم علينا أيضا أن ندعو لهم، وأن نبتهل إلى الله في كل حين أن يهديهم سبيله القويم، أن يجمعنا وإياهم على البر والتقوى، وأن يعيدوا مجدنا، أن يبنوا عزة الإسلام والمسلمين، وكل ذلك على الله يسير، فلنستقم على شرع الله، ولنكن جميعا على صراط الله، ولنحمي أسرنا في حصن الله تعالي، نضمن بهجة الحياة الدنيا والفوز والفلاح في حياتنا الأخرى.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *