إعداد أيمن محمد على
أعلنت الدولة المصرية عن بدء تنفيذ واحد من أضخم مشروعاتها الثقافية والإعلامية وهو إنشاء مدينة عالمية للسينما والإعلام بالقرب من منطقة الأهرامات خلال ثلاث سنوات فقط وذلك وفق توجيهات الرئيس المصري الذي أكد أن المدينة الجديدة ستقام بأعلى المعايير العالمية وستكون الأولى من نوعها على مستوى المنطقة
وتأتي أهمية المشروع في إطار سعي مصر لاستعادة ريادتها في صناعة السينما والإعلام وهي الصناعة التي مثلت لعقود القوة الناعمة الأكبر لمصر في محيطها العربي والدولي فالفنون قادرة على التأثير العميق في وجدان الشعوب وهو ما أدركته دول كبرى تعتمد على الإعلام والثقافة في تعزيز نفوذها العالمي
وقد لعبت مصر دورا محوريا في تاريخ السينما منذ أربعينات القرن الماضي حين تأسست استديوهات ضخمة في منطقة الهرم صنعت أهم الأعمال الفنية في الشرق الأوسط لكن تراجع الصناعة بعد فترات الصراعات والإعمار وتقدم المنافسين إقليميا دفع الدولة للتفكير في مشروع جديد يواكب التطورات الهائلة في تكنولوجيا الإنتاج السينمائي
مدينة الإنتاج الإعلامي في السادس من أكتوبر ما تزال أكبر مركز للإنتاج التلفزيوني والدرامي في الشرق الأوسط لكنها موجهة بشكل رئيسي للإنتاج المحلي ولم تعد استديوهاتها القديمة قادرة وحدها على مواكبة الصناعة الحديثة التي تعتمد على تقنيات متقدمة وبنى تحتية ضخمة تجذب الإنتاجات العالمية
في المقابل استطاعت دول مثل المغرب من خلال مدينة ورزازات واستديوهاتها الكبرى جذب تصوير أفلام عالمية بينها غلادياتور وصراع العروش ولورنس العرب كما دخلت السعودية مؤخرا المنافسة بقوة من خلال مشروع الحصن بيج تايم الذي تحول خلال فترة قصيرة إلى مقصد للأعمال السينمائية العربية والعالمية
من هنا جاء التوجه المصري لبناء مدينة إنتاج عالمية جديدة بموقع استثنائي بالقرب من الأهرامات كتأكيد لارتباط الحاضر بالماضي واستثمار لقيمة المنطقة التاريخية وقدرتها على جذب صناع السينما من العالم بالإضافة إلى تميز الموقع بمساحات واسعة وبنية تطوير حديثة ومناخ مناسب للتصوير الخارجي طوال العام
ومن المتوقع أن تستمر مدينة الإنتاج الإعلامي الحالية في أداء دورها الكبير في إنتاج الدراما والبرامج بينما تتخصص المدينة الجديدة في الإنتاج السينمائي الضخم والقنوات الحديثة مع تجهيز مواقع تصوير كاملة واستديوهات متقدمة قادرة على استقطاب الأفلام المصرية والعالمية
كما أعلن رئيس الوزراء أن الحكومة تعمل على صياغة منظومة جديدة لتسهيل استخراج تصاريح التصوير داخل مصر وهو ما سيزيل عقبات ظلت لسنوات تعرقل الأعمال الفنية الأجنبية ويمهد لتحول مصر إلى مركز إقليمي جاذب للاستثمار السينمائي
ويؤكد الخبراء أن المشروع يمثل استثمارا اقتصاديا وثقافيا كبيرا فصناعة السينما والإعلام من أكثر الصناعات ربحا في العالم وقدرة مصر على الجمع بين تاريخها وموقعها وكوادرها المتميزة يمنحها فرصة لاستعادة ريادتها وتحقيق عوائد مالية ضخمة سنويا إلى جانب تعزيز مكانتها الثقافية والسياحية
المشروع الجديد خطوة ضرورية طال انتظارها وتتوافق مع رؤية الدولة لامتلاك صناعة إعلامية وفنية حديثة تليق بتاريخ مصر وتفتح بابا واسعا أمام إنتاج عالمي يعود بمكاسب اقتصادية ورمزية لا تقدر بثمن
