مقال

قوة العلاقة بين اللغة والتفكير


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين أحق من شكر وأولى من حمد، وأكرم من تفضل وأرحم من قُصد، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فاتقوه وراقبوه، وتوبوا إليه ولا تعصوه، ثم أما بعد ذكرت المصادر التربوية والتعليمية الكثير عن التفكير في حياة الإنسان، ولقد أثبتت بعض الدراسات قوة العلاقة بين اللغة والتفكير، حيث إكتشفت دراسة متخصصة أن لغة قبيلة هوبي الهندية لا تحتوي على صيغة الماضي والمستقبل، وإنما تحتوي فقط على صيغة الحاضر، ولذا فإن أفراد هذه القبيلة يتكلمون كل شيء وكأنه يحدث الآن، مما أثر على تفكيرهم، واعلموا ن التفكير السليم وعاؤه ذاكرة جيدة، حيث أن التفكير عملية ذهنية ينظم بها العقل الخبرات والمعلومات من أجل إتخاذ قرار معين.

ومن هذا التعريف نخلص إلى أهمية الذاكرة لهذه العملية، ذلك أنها المخزن الذي يحوي تلك الخبرات والمعلومات التي يستخدمها العقل الإنساني في التفكير ومن هنا تبرز أهمية التعرض لآلية الذاكرة، وكيفية تفعيلها بقدر معقول من التفصيل بحيث يسهم في تعميق التفكير وتسهيل مهامه وتسريع عمله، وتنقسم الذاكرة إلى خمسة أمور هي مخزن المعلومات الحسي، ولا تستطيع الذاكرة الإحتفاظ بالمعلومات في هذا المخزن بما يتجاوز ثواني فعند سيرك في شارع عام في سيارتك تلحظ لافتات المحلات عن اليمين والشمال وتجد أن تلك المعلومات لا تلبث أن تزول، والذاكرة قصيرة المدى، وهي التي تحتفظ لمدة ساعات بالمعلومات التي يشعر الإنسان بأهمية تخزينها وبضرورة إصطحابها على الدوام، فأنت عندما تسأل عن رقم هاتف لا تحتاج الإتصال به إلا مرة واحدة.

تجد أنك تردده في نفسك بضع مرات لكي تتمكن من تخزينه في ذاكرتك القصيرة حتى تنهي الإتصال، ثم لا يلبث هذا الرقم في تلك الذاكرة إلا لمدة تتناسب مع تقديرك لأهميته في المستقبل القريب، والذاكرة طويلة المدى وهي التي تحفظ لمدة طويلة المعلومات التي يبذل الانسان في سبيل تخزينها جهدا كبيرا ويمضي وقتا طويلا، ويعتقد بعض علماء النفس أن تلك المعلومات يستديم وجودها في تلك الذاكرة، بمعنى أنها لا تزول بمرور الوقت، والحقيقة أنه قد تزول وتتشوه بعض أجزائها، إلا أن الجزء الأكبر يبقى على سبيل الدوام، ويجب التنبيه إلى أن عدم إسترجاع معلومة من تلك المعلومات في لحظة معينة لا يعني عدم وجودها، وإنما يعني فقط عدم مناسبة طريقة الإسترجاع، ولوجود إضطرابات نفسية معينة، وتمر آلية التذكر بمجموعة من المراحل أهما هو إستقبال المعلومة.

المراد تخزينها في أي من أقسام الذاكرة وفق ما سبق تفصيله، ويجب أن تتعود على التركيز عند أستقبالك للمعلومات، وأيضا ترميز تلك المعلومة وذلك بإعطائها رمزا معينا تستدعى من خلاله عند الحاجة إليها، وتعتبر هذه المرحلة الأخطر والأهم، فكلما كان ترميزك للمعلومة أدق وأوضح كلما إستطعت أن تخزن المعلومة لمدة أطول وتسترجعها بطريقة أسرع، وهل تتذكر من قتل الآخر قابيل أم هابي

وقد تتذكر بسرعة وقد لا تتذكر بسرعة، بل قد لا تتذكر مطلقا؟ لكن أرأيت لو أنك تعودت على ترميز معلوماتك بصورة دقيقة، كأن تقول في نفسك عند سماعك أو قراءتك لهذه المعلومة لأول مرة ومعرفتك بأن قابيل هو القاتل، قابيل هو القاتل، وهل تعتقد أنك ستنسى تلك المعلومة؟ وخذ مثالا آخر وهو عند إستماعك للرقم الجديد لهاتف صديقك حاول ترميزه بشكل منطقي، وكذلك بالنسبة للتواريخ فإنك تستطيع أن تثبت تواريخ معينة في كل قرن أو قرنين لتصبح كالأوتاد الذهنية التي تشد بها غيرها.

osama elhaowary

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *