
كتب ابراهيم محمد المنشاوي الأعرج محافظة أسوان
فكر قبل أن تندم وإليك هذه القصة القصيرة ففيها العبرة والدرس لمن يريد الطلاق ويتسرع ويستجيب لشيطانه ويحكم عاطفته على عقله فكر قبل أن تندم حيث لا ينفع الندم
«طلّق الوليد بن يزيد زوجتَه سُعدى، فلما تزوجت اشتدَّ عليه ذلك، وندِمَ على ما كان منه
فدخلَ عليه أشعب، فقال له الوليد: هل لك أن تبلِّغَ سُعدى عني رسالة، ولك عندي خمسةُ آلاف درهم؟
قال: عجّلها
فأمر له بها، فلمّا قبضَها قال: هات رسالتَك.
قال: ائتِها وأنشدها
أَسُعدى هل إليكِ لنا سبيلٌ
ولا حتى القيامةِ من تلاقِ؟
بلى ولعلّ دهرًا أن يواتي
بموتٍ من خَليلِكِ أو فراقِ
فأتاها أشعب، فاستأذن عليها، فأذنت له
فقالت: ما بدا لك في زيارتنا يا أشعب؟
فقال: أرسَلني إليك الوليد برسالة. وأنشدها الشعر.
فقالت لجواريها: عليكنّ بهذا الخبيث
فلما هَممن به قال لها: لقد جعل لي الوليدُ خمسةَ آلاف درهم إن أنا فعلت
-فقالت له: والله لئن لم تَرجع إليه برسالتي هذه لأُعاقبنّك
فقال أشعب: ياسيدتي اجعلي لي أجرا
فقالت: لك بساطي هذا. فأخذه وقال: هاتِ رسالتك
قالت: قل له
أَتبكي على سُعدى وأنت تركتَها
لقد ذَهبَت سُعدى فما أنت صانعُ
فلما بلغت الرسالةُ الوليد، ضاق صدرُه واغتاظ غيظًا شديدا، وقال لأشعب
اختر مني ثلاثا: إما أن نقتلَك، أو نطرحَك من هذا القصر، وإما أن نُلقيَك إلى هذه السباع
فتحيّرَ أشعب وأطرق، ثم رفع رأسَه فقال
«يا سيدي، ما كنت لِتُعذِّبَ عينَين نَظرتَا إلى سُعدى.»
فتبسّم الوليدُ وخلّى سبيلَه…
نتعلم من هذه القصة القصيرة ذكاء أشعب وكيف تخلص من الهلاك وكذلك عفة المرأة وأن البعض يندم على ما فرط فيه وأن حالات الطلاق كثرت فالزواج ميثاق غليظ قال تعالى (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ) وليس هو لعبة لابد من وجود الحكمة والعقل قبل الندم وفي هذه القصة عبرة للمتعجلين والمتسرعين فاعتبروا يا أولى الأبصار والعقول.