خواطر

حين يضيء الظلام الطريق

بقلم/نشأت البسيوني

في زمن تتشابه فيه الوجوه وتضيع فيه الأصوات
يأتي الظلام ليختبرنا
ليعرف منا من سيبقى متماسكا
ومن سيسقط مع أول انطفاءة ضوء
فالظلام ليس دائما عدوا
بل أحيانا يكون معلما قاسيا
يأخذ بأيدينا نحو نور لا يرى بالعين
بل يولد في القلب
حين يضيء الظلام الطريق
ندرك أن الضوء الحقيقي لم يكن حولنا
بل في داخلنا نحن
في ثباتنا حين تهتز الأرض
في ابتسامتنا رغم العتمة
في قدرتنا على أن نحلم ونحن لا نرى سوى السواد
ذلك النور الصغير الذي لا يراه أحد
لكنه وحده كفيل بأن ينقذنا من الغرق
الظلام يعلمنا معنى الرؤية
فلا نعرف قيمة الضوء إلا حين يغيب
ولا ندرك جمال النهار إلا بعد أن يبتلعنا الليل
وفي عمق كل عتمة
هناك رسالة خفية تقول لنا
لا تخف فحتى الظلام مؤقت
وسينتهي حين يولد فيك النور
حين يضيء الظلام الطريق
نصبح أكثر وعيا بالرحلة
نرى التفاصيل التي كنا نتجاهلها
نسمع الأصوات التي كنا نغفلها
وندرك أن كل سقوط كان تدريبا على الوقوف
وكل وجع كان تمهيدا لقوة لم نعرفها بعد
الظلام لا يقتل النور يا صديقي
بل يصنعه
في كل تجربة موجعة هناك بصيص ضوء
في كل وداع قاس هناك بداية جديدة
وفي كل خسارة حكمة عميقة لا تفهم إلا بعد حين
وحين نصل إلى تلك اللحظة التي نبتسم فيها رغم التعب
ونمضي رغم الخوف
ندرك أننا وصلنا إلى النور الحقيقي
الذي لا يشعل بالشموع
بل بالثقة والإيمان والصبر الجميل
يا صديقي
ليس أجمل من أن تخرج من ظلامك
وأنت تحمل في صدرك نورا لا ينطفئ
أن تعرف أن العتمة كانت جزءا من الرحلة
وأن الطريق الذي خفت منه
هو نفسه الطريق الذي هداك
وفي النهاية
حين يضيء الظلام الطريق
تفهم أن الله لم يغلق بابا إلا ليريك طريقا آخر
أكثر صفاء وأصدق معنى
وتدرك أن النور الذي كنت تبحث عنه
كان يسكن قلبك منذ البداية

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات متعلقة

خواطر

احلام الخيال