مقال

انصر أخاك ظالما أو مظلوما


بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد لقد سأل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبي بن كعب رضي الله عنهما عن التقوى فقال هل أخذت يوما طريقا ذا شوك؟ قال نعم، قال فما عملت فيه؟ قال تشمرت وحذرت، قال فذاك التقوى، وجاء أن رجل قال لأبي هريرة رضي الله عنه ما التقوى؟ قال أخذت طريقا ذا شوك؟ قال نعم قال: فكيف صنعت؟ قال إذا رأيت الشوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه قال ذاك التقوى” وقيل التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل”

وأخذ أبن المعتز هذا المعاني فصاغها بقوله خل الذنوب صغيرها وكبيرها فهو التقى، واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى، لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى” وقال أبو السعود في تفسيره التقوى هي كمال التوقي عما يضره في الاخرة” وقال عبد الرحمن المباركفوري بأن المتقي من يترك ما لا بأس به خوفا مما فيه بأس” واعلموا أن من حقوق الأخوة في الإسلام ما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “انصر أخاك ظالما أو مظلوما” فقال رجل يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إن كان ظالما، كيف أنصره؟ قال “تحبسه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره” فالوقوف مع أخيك وقت ضعفه نصرة، وهذا خير معلم للبشرية، لما جيء برجل من الصحابة يجلد في الخمر مرارا، قال رجل من القوم.

“اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به” فقال النبي صلى الله عليه وسلم “لا تلعنوه فما علمته إلا أنه يحب الله ورسوله” وفي رواية “لا تعينوا الشيطان على أخيكم” وهذا حاطب بن أبي بلتعة في لحظة ضعف وبينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متوجها لفتح مكة وقد أمر أصحابه أن يكتموا أمره، فخالف حاطب أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فكتب كتابا لقريش يخبرهم بما أجمع عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال المصطفى عليه الصلاة والسلام له ” ما حملك على هذا يا حاطب؟” فقال يا رسول الله، والله ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله ولكن أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وكانت لحظة ضعف، فقال عمر دعني فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الرفيق بالأمة يقول ويعلمنا ” وما يدريك يا عمر،

لعل الله اطَّلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم” فاعلموا أن من حقوق الأخوة في الإسلام هو الدفاع عن بعضهم في حضورهم، ويتأكد ذلك في غيبتهم، ففي الحديبية أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ليفاوض قريشا، فتأخر عثمان، فقال المسلمون قبل أن يرجع عثمان، وقلوبهم تطوق شوقا لبيت الله الحرام “خلص عثمان من بيننا إلى البيت فطاف به” فقال رسولنا صلى الله عليه وسلم “ما أظنه طاف بالبيت ونحن محصورون” قالوا وما يمنعه يا رسول الله وقد خلص، قال “ذلك ظني ألا يطوف بالكعبة حتى يطوف معنا” فصدق ظن المصطفى صلى الله عليه وسلم، فما أحوجنا اليوم في مجالسنا أن ندافع عن أعراض المسلمين والمسلمات، فهذا حق المسلم على أخيه، فلا نتفكّه بسماع أخبارهم التي يكرهون، أو السكوت عما يفتري عليهم،

فعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن نبينا صلى الله عليه وسلم “ما من امرئ مسلم يردّ عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يردّ عنه نار جهنم يوم القيامة” فإذا جلست في مجالس تدار بغيبة المسلمين ونميمتهم، فدافع عن عرض أخيك، فإن لم تستطع فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين، بل إن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر دفاعه عن صحابته، واسمع هذا الخبر العجيب، من عجائب الأخبار أن رسولنا صلى الله عليه وسلم دافع عن ناقته القصواء يوم الحديبية يوم أن توقفت عن المسير فلم تتحرك، فقال الناس “خلأت القصواء” فقال النبي صلى الله عليه وسلم “ما خلأت، وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل” أي منعها الله جل جلاله، لم يرضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتكلم في ناقته في حضرته ودافع عنها، ألا يكون المسلم أعزّ علينا؟

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *