
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه و خليله وخيرته من خلقه، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة، ومحا الظلمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك صلى الله عليه وعلى آله و صحبه ومن دعا بدعوته واقتدى بسنته إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن الدنيا وعن التنازع عليها والسعي وراء شهواتها وملذاتها، وقال الله تعالى في سورة آل عمران ” زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ”
فيا أيها المسلمون في نظرات واقعية ومشاهد حقيقية يندى لها الجبين، وتثير إستغراب المستغربين، تدمع لها المقل وتؤذن بمصاب وزلل، وخطب جلل، ذلكم هو هذا الذهول وتوهان العقول في سراب بقيعة، وتأملات وضيعة، يرسم من خلالها كثير من المسلمين خططا وأملا، لمستقبل ليس بأيديهم ملكه وليس لهم تركه، إنسياق وراء أحلام ولهث خلف أوهام، سبب للأمة هزائم وحطم العزائم وجلب الجرائم وأتى بالعظائم إنه السباق المحموم والجري المذموم وراء الدنيا ومغرياتها، والإقتتال لأجل مخرجاتها وإستخراج مدخراتها ولقد حذر المولى الكريم ، من حب الدنيا والسعي وراء شهواتها وملذاتها، وفي ظل الإهتمامات الواسعة والأبعاد الشاسعة لرغبات الأفراد والجماعات من المسلمين والمسلمات، بما يحقق لهم عيشا حميدا ورزقا رغيدا.
على أسس غير سليمة وتحقيق نتائج سقيمة، كان لابد من التذكير بأمر مهم، نسيه جمهور جم، ألا وهو تلكم النهاية التي لابد لكل حي منها، إنها الموت، نعم الموت يا عباد الله، ذلكم الزائر الذي لا يفوته مطلوب ولا يهرب منه مرغوب، مفرق الجماعات وهادم اللذات وكاسر الشهوات وهالك الرغبات، فيا عباد الله أما إنكم لو أكثرتم ذكر هادم اللذات لشغلكم عما أنتم عليه من المعاصي والموبقات والإغراق في الملذات فتذكروا الموت وشدته والقبر وظلمته، والصراط وحدته واعلم أيها اللاهي والساهي، يا من تنعمت بنعم الله وما شكرته، بل غفلت عنه وعصيته، اعلم أن القبر بيت الغربة وبيت الوحدة وبيت التراب وبيت الدود، فالقبر روضه من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، فالتوبة التوبة والرجعة والأوبة، فعما قليل مرتحلون وعن الدنيا منتقلون وإلى ربكم راجعون.
فيا معاشر المسلمين من كانت الدنيا همه وأموالها شغله فليتذكر الحبيب المصطفى والنبي المجتبى محمد خير الورى خرج من الدنيا ولم يشبع من خبز شعير، وكان يربط الحجر على بطنه من شدة الجوع، ألا فاذكروا هول المطلع وشدة المفظع وبؤس المضجع، وكفى بالموت للقلوب مقطعا وللعيون مبكيا، وللذات هادما، وللجماعات مفرقا، وللأماني قاطعا، فاللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة واجعل القبور بعد الموت خير منازلنا وافسح فيها ضيق ملاحدنا، يا إلهنا وخالقنا، فاللهم اجعلنا من عبادك المتقين الخائفين الوجلين، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا، اللهم اجعلنا نخشاك حق خشيتك، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.
اللهم حبب المؤمنين إلى قلوبنا، واجعلنا اخوة متحابين فيك ياذا الجلال والإكرام، اللهم طهر قلوبنا وألسنتنا من كل فاحشة ورذيلة ياحي يا قيوم، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على النذير البشير والسراج المنير نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.

