مقال

التأييد الظالم والسكوت المظلم


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، ثم اما بعد، ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن مواقف الأطراف المختلفة في النزاع الصهيوني مع فلسطين المحتلة وما تقوم به إسرائيل من إبادة جماعية، وإن موقف الدول الكبرى تراوح بين التأييد الظالم والسكوت المظلم، والمسارعة للضغط على الطرف المظلوم وتحميله المسئولية، ومطالبته بتنفيذ شروط المعتدي والرضوخ لإرادته دون قيد أو شرط، وإضفاء الشرعية على عدوانه وصبغه بالدفاع عن النفس، وهذا هو موقف أمريكا المعلن، وموقف أوروبا المبطن، وموقفهم جميعا قبل الأحداث الأخيرة وكان متفقا على محاربة الحكومة الفلسطينية المنتخبة.

ومحاصرتها هي والشعب الفلسطيني بكامله رغم المأساة والمعاناة، وكل ذلك دليل على زيف دعاوى تحقيق الديموقراطية، وعدم مصداقية الحفاظ على حقوق الإنسان، وإختلال ميزان العدل، وغياب المساواة، وترسيخ مبادئ الظلم والعدوان، كما أنه دليل على أن تلك الدول تتبنى الإضرار بالعرب والمسلمين وتفرح بأذاهم وتساعد على ذلك وتؤيده، بل إن أمريكا تمنع مجرد إدانة المعتدي وذلك من خلال إستخدام حق النقض الفيتو الذي يمثل شريعة الغاب، ويلغي الحق والعدل بالقوة والهوى، وقد تعودت الشعوب المضطهدة في فلسطين وسوريا ولبنان وغيرها أن تسمع من الدول العربية كلمات الشجب والإستنكار التي لا تدفع ولا تنفع، وقبل هذه الأحداث كانت مجازر شاطئ غزة وجرائم وحشية يهودية متكررة، فضلا عن وجود آلاف الأسرى الفلسطينيين بمن فيهم من النساء والأطفال.

وكل ذلك قابله السكوت المطبق طوال الأشهر السابقة في فلسطين وموقف الدول العربية من الأحداث الحالية يكشف عن ضعف وعجز وتخاذل وإنكسار، وليت الأمر توقف عند هذا الحد على ما فيه من خزي وعار ومهانة، إلا أننا نرى بعض تلك الحكومات نزلت إلى درجة لم تكن متوقعة من التخلي التام عن المقاومة المشروعة بل وإدانتها بشكل مباشر أو غير مباشر، وذلك يتضمن إعطاء العدو الصهيوني مشروعية التدمير والعدوان، وهذا ما تذكره وتستشهد به أمريكا، وأين هذه المواقف من قول الله تعالى ” وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا علي قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير ” وهذا كله بخلاف ما عليه شعوب البلدان العربية والإسلامية التي تؤيد في معظمها المقاومة وتتلهف لمعاونتها والوقوف في صفها.

وإن إتخاذ المواقف في مثل هذه الأحداث يؤسس على قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد، وذلك يرجع إلى إجتهاد أهل الشأن حسب تقديرهم المستهدي بأصول الشريعة ومحكماتها، والمستند إلى معرفة وخبرة واقعية بمجريات الأحداث، وهو إجتهاد قد يعتريه الخطأ ويتغير بحسب ظروف الزمان والمكان، ولا يخفى على أي مطلع أن حزب الله هو حزب شيعي المذهب، وله إرتباطاته الواضحة بإيران، وصلاته المعروفة بسوريا، وذلك له أثره الواضح على توجهاته وأعماله، ولكن هذا ليس هو المقياس الوحيد في هذه المعركة التي نحن بصددها، وإن للحزب وحلفائه أهدافا تخصهم وتصب في مصالحهم الذاتية، وأهدافا يشتركون فيها من خلال العمل الميداني على الأقل مع المقاومة في فلسطين ومع مصالح بقية الأمة، وذلك في إلحاق الضرر بالعدو الصهيوني، وكل أذى ونكاية في هذا العدو مطلوبة ومرغوبة.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *