أخبار دولية

أزمة الأمل في الداخل وانكشاف الدعاية في الخارج

سمير باكير يكتب-
في ظلّ التطورات الأخيرة، تتضح معالم أزمة عميقة يعيشها الكيان الإسرائيلي على المستويين الداخلي والخارجي. فبينما تكشف استطلاعات الرأي عن انعدام الثقة بالمستقبل داخل الأوساط اليهودية، تتواصل فضائح الدعاية المموّلة عبر شركات التكنولوجيا، وفي مقدمتها غوغل، لتكشف جانباً آخر من مأزق الاحتلال.

يأس يتسع داخل المجتمع

صحيفة إسرائيل هيوم نشرت نتائج استطلاع شارك فيه مئات من العاملين في المؤسسات اليهودية بالولايات المتحدة، وأظهر أنّ أقل من ربعهم يشعرون بالأمل تجاه المستقبل. المثير أنّ أغلبية المستطلَعين رفضوا حتى الإجابة عن سؤال “بماذا تأملون؟”، وكأنّ فكرة الأمل نفسها باتت غائبة. الأسباب التي وردت تتراوح بين الانقسامات الداخلية، فشل القيادات السياسية، وضغوط العداء الخارجي. هذه المعطيات تكشف صورة مجتمع يعيش قلقاً متزايداً وفقداناً للبوصلة.

دعاية بمليارات الدولارات

في موازاة ذلك، كشفت تقارير عن عقد وقّعته حكومة الاحتلال مع شركة غوغل بقيمة 45 مليون دولار، هدفه تحويل المنصات الرقمية إلى ساحة تلميع لصورتها أثناء حرب غزة. الحملة ركّزت على إنكار الأزمة الإنسانية وتقديم روايات مضادة للتقارير الأممية التي تحدثت عن مجاعة. كما استُخدم مؤثرون أميركيون لإعادة تدوير صورة مزيفة عن “تدفق المساعدات” بدل مشهد الجوع والمعاناة.

فشل في معركة الرواية

ورغم الأموال الضخمة، لم تفلح هذه الحملات في تغيير الرأي العام العالمي. الصور القادمة من غزة، وتقارير المنظمات الدولية، والاحتجاجات الشعبية في العواصم الكبرى، كانت أقوى من أي محتوى مدفوع. حتى المسؤولون الإسرائيليون اعترفوا بأنهم خسروا الحرب الإعلامية، في مؤشر على حدود قدرة الدعاية على مواجهة الحقائق الميدانية.

أزمة أخلاقية للشركات الكبرى

قبول غوغل المشاركة في هذه الدعاية وضعها أمام أزمة مصداقية حقيقية. الشركة التي طالما تباهت بسياسات “محاربة التضليل” وجدت نفسها متهمة بالتواطؤ في التغطية على جرائم حرب. هذا التناقض قد يتحول إلى عبء طويل الأمد، خصوصاً في منطقة عربية وإسلامية تمثل سوقاً رئيسياً لمنتجاتها.

ما بين فقدان الأمل في الداخل وفشل الدعاية في الخارج، يقف الكيان الإسرائيلي أمام مأزق مركّب. أما شركات التكنولوجيا، فإنّ تجاهلها للبعد الأخلاقي لن يمرّ بسهولة، بل سيبقى وصمة تلاحقها في الذاكرة الجماعية، وتذكير بأنّ الأرباح السريعة قد تتحول إلى خسارة تاريخية.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *