
إياكم وإيذاء الناس فإن هناك حساب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله العظيم في قدره، العزيز في قهره، العليم بحال العبد في سرّه وجهره، يسمع أنين المظلوم عند ضعف صبره، ويجود عليه بإعانته ونصره، أحمده على القدر خيره وشره، وأشكره على القضاء حلوه ومره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما جاد السّحاب بقطره، وطلّ الربيع بزهره، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن أهمية يوم القيامة في الإسلام، وهو اليوم الآخر وهو الركن السادس من أركان الإيمان، وهو يوم العدل الإلهي وهو يوم تحقيق العدل المطلق، فلا تضيع فيه حسنة ولا سيئة، وهو يوم الجزاء، وهو يوم الجزاء الأبدي على ما قدم الإنسان في الدنيا، فقد أخبر الله تعالى عن يوم القيامة وأهواله.
فقال ” يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ” إلى غير ذلك من الآيات الدالة على شدة الأمر وفظاعته، ولهذا لا غرابة في كون المؤمن الذي بُشر بالجنة في قبره يكون خائفا وجلا في الموقف، بل الأنبياء والمرسلون الذين هم في ظل الرحمن يوم القيامة، يفزع الناس إليهم ليطلبوا من الله تعالى فصل القضاء، فكل منهم يقول نفسي نفسي، فإياكم وإيذاء الناس وإن إيذاء الغير يشمل كل أذى حسي ومعنوي فيدخل في ذلك الإعتداء على مال الغير وأهله وولده ودمه والإستيلاء على أملاكه بغير وجه حق، ويشمل أيضا الإستهزاء واللمز والسخرية بالغير، ومن الإيذاء الشائع الطعن في أنساب الناس والنقيصة لهم في المجالس، على سبيل التشهي واللهو، ومن الإيذاء الذي يستهين فيه البعض التدخل في خصوصيات الأقارب والجيران وتتبع عوراتهم وإبداء الرأي في أحوالهم.
وإلقاء اللوم عليهم ونقد تصرفاتهم دون استشارة منهم أو إذنهم وعلمهم بذلك في الوقت الذي لا يسمح المتكلم لأحد التدخل في شؤونه، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفضي الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله” رواه الترمذي، وإن من صور الأذى أن يتفكه بعض الناس في المجالس بغيبة المسلمين والسخرية بهم ويجعل ذلك مادة للضحك والفرفشة وجذب الأنظار إليه واعتبار هذا السلوك من الظرافة وخفة الروح وهو مع تحريمه يدل على سفه العقل ونقص المروءة، ومن الأذى الشائع أن يقف الانسان في طريق، أو مكان عام يراقب المارة ويتكلم عليهم ويضايقهم ويلمزهم ويؤذيهم بكل قبيح وقد نهى عن ذلك.
فعن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا يا رسول الله مالنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، فقال” فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه” قالوا وما حقه قال ” غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” متفق عليه، ومن الإيذاء الذي يجهله بعض الناس التدخل في عمل الغير ومتابعته وتقويمه وهو لا يمت بصلة بهذا العمل من أي جهة وليس مسؤولا ولا مخولا بذلك فترى هذا الشخص إذا رأى موظفا في أي مجال تكلم عليه وأثار المسؤول عليه، وتدخل في شؤونه وأفسد عليه بينما كان الواجب عليه أن ينصحه إذا رأى تقصيرا واضحا بعد سؤاله والتثبت في ذلك، ومن الأذى الخطير الذي ينبغي على المسلم الحذر الشديد منه حسد الناس في أموالهم، والتطلع لما في أيديهم.
وسؤال أهل الدنيا عن أحوالهم فإن ذلك يؤذيهم وينغص عليهم، ومن أعظم الأذى الذي يبتلى فيه بعض الجهال تنقص العلماء والحط من قدرهم ولمزهم وإتهامهم في نياتهم وإخلاصهم والتطاول عليهم وجحد معروفهم وجهودهم في الأمة، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

