
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، الحمد لله الذي جعل حبه أشرف المكاسب، وأعظم المواهب، أحمده سبحانه وأشكره على نعمة المطاعم والمشارب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزّه عن النقائص والمعايب، خلق الإنسان من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله الداعي إلى الهدى والنور وطهارة النفس من المثالب، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي سبيل النجاة والفلاح، ولقد دعانا الإسلام إلى الحب، دعوة تضمنتها تعاليمه الداعية إلى الإخاء والوفاء والبذل والإيثار وكف الأذى عن المخلوقات، وإن من أجل ثمرات الحب وأكمل مظاهره أن يحب الإنسان حصول الخير ووجوه المصالح والمنافع لأخيه الإنسان كما يحب حصول ذلك لنفسه، ومن ثم جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
من علامات كمال الإيمان وتمامه، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله فإن المتقين في جنات وعيون وعن النار مبعدون، وما فيها من العذاب والأنكال ؟ أما تعتبرون بهذه الأحوال ؟ أما تحذرون من سلاسلها والأغلال؟ لمن يقرع سمعه ذكر السعير وهو بالله من عذابها غير مستجير، أفيك جلد على الجحيم والصديد والزمهرير ؟ أفيك جلد على نار وقودها الناس والحجارة ؟ أم قد رضيت لنفسك بهذه الخسارة، فإن من أعظم جرائم أهل النار استهزاءهم بالدين وبأهله، فسخرية واستهزاء بعباد الله، وهمز ولمز بهم في شاشاتهم وقنواتهم وجرائدهم ومجلاتهم، بل حملهم بغضهم على عباد الله الصالحين أن نسوا معاملة الله ومراقبته، فلن يضر الصالحين ضحك أولئك واستهزائهم وسخريتهم، فهم الفائزون بالسعادة والسلامة والجنة والنجاة من النار.
واعلموا يرحمكم الله إن من أعظم الحقوق على الزوجة، هو قيامها ببر أهل زوجها، وهي أقرب الطرق لكسب قلب الزوج، فالزوج يحب من امرأته أن تقوم بحق والديه، وحق إخوانه وأخواته، ومعاملتهم المعاملة الحسنة، فإن ذلك يفرح الزوج ويؤنسه، ويقوي رابطة الزوجية، وألا تخرج من بيته إلا بإذنه حتى ولو كان الذهاب إلى أهلها، وأن تشكر له ما يجلب لها من طعام وشراب وثياب، وغير ذلك مما هو في قدرته وتدعو له بالعوض والإخلاف ولا تكفر نعمته عليها، ومن حقه عليها ألا تطالبه مما وراء الحاجة وما هو فوق طاقته فترهقه من أمره عسراً بل عليها أن تتحلى بالقناعة والرضى بما قسم الله لها من الخير، وأن تقوم بتربية الأبناء تربية إسلامية ترضي الله ورسوله وأن تأمرهم بالصلاة وتعلمهم أركانها وشروطها وكما تحثهم علي الصيام وتعودهم عليه، وتحثهم علي صيام التطوع والنوافل.
فعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت “أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة ” من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مُفطرا فليُتم بقية يومه” فكنا بعد ذلك نصومه، ونصوّم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله، ونذهب بهم إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن وهى الصوف المصبوغ، فإذا بكى أحدهم على الطعام، أعطيناها إياه حتى يكون عند الإفطار” متفق عليه، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله “وفي الحديث حجة على مشروعية تمرين الصبيان على الصيام” ثم قال”إن كثيرا من العلماء استحبوا أن يدرب الصبيان على الصيام والعبادات، رجاء بركتها لهم، وليعتادوها، وتسهل عليهم إذا لزمتهم” وقال المهلب رحمه الله “وفي هذا الحديث من الفقه أن من حمل صبيا على طاعة الله، ودرّبه على التزام شرائعه.
فإنه مأجور بذلك” كيف لا، ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ” شاب نشأ في عبادة ربه” كما في الصحيحين؟ وأمر صلى الله عليه وسلم بتعليم الصغار كتاب الله، حفظا، وتلاوة، واعتناء، وتقديرا، وهو داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم ” خيركم من تعلم القرآن وعلمه” رواه البخاري، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

