مقال

جبار عنيد لا يراقب الله في قتل الأخيار


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد هذا هو حديث شريف وكلام بليغ جامع عظيم عميق، مما أوتيه نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، نتوقف وإياكم معه متدبرين ومتأملين، وناظرين إلى أي مدى هو في حياتنا، سواء في حياتنا الشخصية وأو في حياة عموم أهل الإسلام، وهو حديث رواه الشيخان البخاري ومسلم، ورواه أهل السنن، وقد ساقه الإمام الكبير الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله وهو عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” فهذا حديث عظيم جليل، حتى قال بعض العلماء إنه أحد الأحاديث الأربعة التي عليها مدار الإسلام، هم حديث الأعمال بالنية، وحديث من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

وحديث الحلال بيّن والحرام بيّن، وهذا رابعها “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” وقد جاء في رواية عند مسلم “حتى يحب لأخيه أو قال لجاره ما يحب لنفسه” ولا شك أن للجار مزية أخرى فوق مزية الأخوة الإيمانية، فهي رابطة فوق رابطة، وعلاقة مزيدة على علاقة، وهي مؤدية للغرض نفسه من توطيد التآخي والتواصل بين أهل الإسلام، وقال الإمام النووي رحمه الله قال العلماء رحمهم الله في معنى قوله صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم” يعني الإيمان التام، وإلا فإن أصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة، والمراد يحب لأخيه من الطاعات والأشياء المباحات، ويدل عليه ما جاء في رواية النسائي في هذا الحديث، قال “حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه” وهذا كما يقول بعض العلماء فيما ينقل النووي هذا من الصعب الممتنع.

ولكنه ليس كذلك يعني لمن يسّره الله عليه إذ معنى هذا الحديث لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام مثل ما يحب لنفسه، والقيام بذلك يحصل بأن يحب حصول مثل ذلك لأخيه من جهة لا يزاحمه فيها، بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئا من النعمة عليه، وذلك سهل على القلب السليم، ولكنه يعسر على القلب الدّغل عافانا الله وإخواننا أجمعين، وذكرت المصادر الكثير عن الخلاف الذي كان بين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبين معاوية بن أبي سفيان، وقال المسعودي رحمه الله حدث منصور بن وحشي عن ابي الفياض عبدالله بن محمد الهاشمي عن الوليد بن البحتري العبسي عن الحرث بن مسمار البهراني قال حبس معاوية صعصعة بن صوحان العبدي وعبد الله بن الكواء اليشكري ورجالا من أصحاب علي رضي الله عنه مع رجال من قريش.

فدخل عليهم معاوية بن أبي سفيان يوما فقال نشدتكم بالله إلا ما قلتم حقا وصدقا أي الخلفاء رأيتموني فقال إبن الكواء لولا أنك عزمت علينا ما قلنا لإنك جبار عنيد لا تراقب الله في قتل الأخيار، ولكنا نقول انك ما علمنا واسع الدنيا ضيق الاخرة قريب الثرى بعيد المرعى تجعل الظلمات نورا والنور ظلمات قال بعد مجاورة طويلة مع ابن الكواء ثم تكلم صعصعة فقال تكلمت يا ابن أبي سفيان فأبلغت ولم تقصر عما أردت وليس الامر على ما ذكرت أنى يكون الخليفة من ملك الناس قهرا ودانهم كبرا واستولى بأسباب الباطل كذبا ومكرا اما والله مالك في يوم بدر مضرب ولا مرمى ولقد كنت انت وابوك في العير والنفير ممن اجلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما انت طليق ابن طليق اطلقكما رسول الله صلى الله عليه وسلم فانى تصلح الخلافة لطليق.

فقال معاوية لو لا أني أرجع إلى قول أبي طالب حيث يقول قابلت جهلهم حلما ومغفرة والعفو عن قدرة ضرب من الكرم لقتلتكم، فلم يكن إمتناع معاوية عن قتل هؤلاء خوفا من المنتقم الجبار ولا فرقا من ورود النار بل إمتنع عن ذلك كما صرح نفسه به طمعا في أن يقال أنه حليم وكريم وقد قالها أنصاره وزادوا عليها ما أقروا به عين الباطل وشوهوا به وجه الحق وقد جاؤا ظلما وزورا، ويقول الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله في كتابه اللالئ المصنوعة في الاحاديث الموضوعة بعد أن ذكر أحاديث كثيرة في فضل معاوية بن أبي سفيان كلها موضوعة لا أصل لها ثم قال، قال الحاكم سمعت ابا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف يقول سمعت ابي يقول سمعت اسحق بن ابراهيم الحنظلي يقول لا يصح في فضل معاوية حديث، والحافظ بن حجر العسقلاني في شرحه على البخاري.

عن ابن الجوزي عن اسحق بن راهويه، إنه قال لم يصح في فضل معاوية شئ ثم قال أخرج ابن الجوزي أيضا من طريق عبدالله بن احمد بن حنبل سألت أبي ما تقول في علي بن أبي طالب ومعاوية بن ابي سفيان فأطرق ثم قال أي شئ اقول فيهما أعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادا منهم لعلي قال فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له قال وقد ورد في فضل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد وبذلك جزم اسحق بن راهويه والنسائي وغيرهما والله اعلم.

osama elhaowary

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *