ادب

صاحب ديوان تذكرات الماضي


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الرحيم الرحمن، علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، صلى عليه الله وملائكته والمؤمنون، وعلى آله وأزواجه وخلفائه وجميع أصحابه ومن تبعهم بإحسان أما بعد ذكرت المصادر الكثير عن الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي، وقد ولد الشاعر إيليا أبو ماضي عام ألف وثماني مائة وتسع وثمانون ميلادي، في قرية المحيدثة في لبنان لأسرة فقيرة الحال مصدر دخلها الوحيد تربية دودة القز، وعاش أبو ماضي حياة طبيعية تزوج فيها ورُزق بثلاثة أبناء ذكور، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة في المحيدثة وانتقل بعدها إلى مصر للعمل في مجلة الزهور ونشر هناك ديوانه الأول “تذكرات الماضي” ولم يكن عمره حينها يتجاوز الثانية والعشرين.

ثم إنتقل إلى نيويورك عمل فيها بالتجارة وتحوّل فيما بعد للعمل الصحفي والشعر والأدب إلى أن تولى رئاسة التحرير للمجلة العربية التي كانت تصدرها جمعية الشباب العربي الفلسطيني، كما ساهم في تحرير مجلة الفتاة، وبرز في العديد من الأنشطة الثقافية في نيويورك إنتمائه للرابطة القلمية التي أسسها نخبة من أشهر الكتّاب السوريين واللبنانيين من أمثال جبران خليل جبران، والتي كان لها الفضل في شهرته في العالم العربي وبلاد المهجر، وتوفي الشاعر في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر عام ألف وتسعمائة وسبعة وخمسين ميلادي، بعد حياة مليئة بالنشاطات والإنجازات في مجالات الشعر والأدب والصحافة والسياسة والعمل الوطني والقومي، فاعلموا أن كل منا يعشق الجميل والجمال، وكل منا ينتشي تحسس البهاء والسناء، ويحب أن تعانق عيناه روعة الخلق.

وصنع الخالق الجبار، ومن منا لا يكره القبح وخبث البشر وما قد تحمله شرور بعض الأرواح؟ ففي كثير من الأحيان يراودني الحديث الذي جاء عن الإمام مسلم “الله جميل يحب الجمال” وقرأت عنه كثيرا، وصادفت خطبه مرات ومرات، وأتساءل في كل حين كيف للعبد الضعيف ألا يربت في حضرة الجمال؟ فكثيرة هي تجلياته حولنا، فهو جمال ملموس ينقضي ويزول وآخر غير محسوس يبقى ويدوم، وهو ينجلي على هيأة روح خيّرة، وعلى هيأة إبتسامة عذبة خافتة في وجه روح مقابلة، يبدو واضحا في علة تزيلها عن مكروب، ودمعة تمسحها عن مهموم، هو عمل تقوم به بإخلاص وإتقان ونية صادقة تحسن بها الظن تجاه الناس والأحباب، والجمال زهر جميل تتردد عن قطفه هيبة من فقد جماله، وعين تغمضها مرورا بنهر يخترق مسامعك خرير مياهه، وهو هندام أنيق ووجه حسن.

تعتليهما روح طيبة، هو وجبة فطور يوم عطلة تقاسمها والمحبوب، وهو صباح تبدأه بنفس مشرقة وسلام داخلي، وقيل أن الجمال هو صوت أمي وهي تحاكيني وتغدق عني برضاها مهما بعدت المسافات وإمتدت البحار، وهو صديقين صدوقين وفيّين لعهد جمعهما قديما معا، وهو زوجين شبّا وشابا معا، ضحّيا من أجل بعضيهما، تعاركا وتسامحا وكانا السند لكليهما عند الشدة ووقت الرخاء، وهو ذاك السلام الداخلي الذي تعكسه سجيتك، فقد صدق الشاعر إيليا أبو ماضي في ختام قصيدته “فلسفة الحياة ” حين قال “كن جميلا ترى الوجود جميلا” وهو لم يقصد بها قط أن تحمل مقلتين جاحظتين، أو قامة منحوتة من الرقبة حتى القدمين، هو يخبرنا أن في المصيبة جمال، وفي الشدة جمال، وفي الصبر جميل كذاك، وأنت جميل قلبا بغض النظر عن القالب، تتغاضى عن عيوب الناس.

وتبحث صفات الجمال والكمال في أناس تختلف معهم، وفي أخرى قد تكنّ لك مشاعر البغض والحقد والحسد وتبحث عن شيء من ذاك الجميل الذي يندسّ في ثنايا أرواحهم، تشفع لهم ما بدر عنهم من خبث وأذية، فكن جميلا حتى ترى الوجود جميلا.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات متعلقة