مقال

إن الله يحب أن يري أثر نعمته علي عبده


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الصادق في قيله، والماحق لضلال البهتان وأباطيله، يحب الصادقين ومن كان معهم ويبغض الكاذبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، أعد لعباده الصالحين نعيما لا ينفد، وقرة عين الأبد، وأشهد أن سيدنا محمدا عبدالله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، أوفى البرية لله إيمانا، وأصدقهم لسانا، وأطهرهم قلبا، اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد اعلموا عباد الله إن من الجمال أن يُرى على العبد أثر نعمة الله تعالي عليه كما جاء في الحديث في الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن الله يحب أن يري أثر نعمته علي عبده ” وجاء في الترمذي وغيره عن مالك بن عوف رضي الله عنه قال ” رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم رث الثياب.

فقال هل لك من مال؟” قلت نعم من كل المال، قال ” فإذا ىتاك الله مالا فليرى أثره عليك ” ولهذا عباد الله تزين المرء بجمال اللباس في حدود ما أباحته الشريعة وأحله الإسلام هذا من الزينة التي يحبها الله سبحانه وتعالى من عباده، فإن الله عز وجل منّ على عباده بنوعين من الزينة عظيم هداهم إليهما ومنّ عليهم بهما ألا وهما زينة المرء في ظاهره بلباس حسن طيب، وزينته في باطنه بتحقيق تقوى الله، حيث قال تعالي ” يا بني آدم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوي ذلك خير ” ومن افتقد عباد الله لباس التقوى وجماله وزينته لم تنفعه زينته الظاهرة، لأن الزينة الحقيقية والجمال الحقيقي إنما هو في تقوى الله تبارك وتعالى وتحقيق رضاه، واعلموا يا عباد الله أنه عندما تتغير فطرة الإنسان ويطيع الشيطان والنفس الأمارة بالسوء يتعاطى أمورا.

يظنها من الجمال والحسن وهي ليست من الجمال والحسن في شيء، لأنه لا يمكن أن يكون الجمال والحسن بمفارقة طاعة الله ومباينة الفطرة السليمة التي فطر الله العباد عليها، ولهذا عباد الله ليعلم أن ما جاءت الشريعة بتحريمه والمنع منه لا يعد جمالا ولا حسنا وإن ظنه بعض الناس من الجمال فالنمص والوشر والوشم وغير ذلكم من الأعمال التي جاءت الشريعة بتحريمها ليست هي من الجمال في شيء، وإنما هي من التغيير لخلق الله والتبديل للفطرة والطاعة للشيطان وإتباع النفس الأمارة بالسوء، واعلموا أن كل إنسان في هذه الحياة يمتلك في صدره قطعة صغيرة الحجم، ولكنها عظيمة القدر، تلك المضغة هي محط نظر الله عز وجل، إنه القلب، ذلك الشيء الصغير العظيم، القلب الذي تفاوت الناس فيه تفاوتا كبيرا، فهذا قلبه ممتلئ أنوارا وإيمانا وحبا لله ولرسوله وللمؤمنين.

وهذا قلب مريض بالشهوات والسيئات، وذاك قلب ميت قد ختم الله تعالى عليه، وإن من أسباب صلاح القلب ” أن يمتلئ القلب إخلاصا لله تعالى ” فشيء جميل، أن يرى الله في قلبك الصدق والإخلاص وليس الرياء والكذب حيث يقول الله تعالي ” قل إني أمرت أن اعبد الله مخلصا له الدين ” وكما أن من أسباب صلاح القلب هو أن تتأمل في سرعة الحياة وزوال أحبابك منها، حينها يزهد قلبك في متاع الحياة، وانظر لمن حوى الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن؟ فكم هم الأشخاص الذين تعرفهم، أين هم الآن؟ غادروا الحياة بلا رجعة، فيا ترى متى تعتبر بقصة الراحلين؟ وكما أن من أسباب صلاح القلب هو مجالسة الصالحين الذين ينتقون أطايب الكلمات كما ينتقى أطايب الثمر، وإن الجليس الصالح من أسباب زيادة الإيمان، وربنا يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم.

فيقول تعالي ” واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ” فيا أيها الأحبة، إن القلوب تأنس برؤية الصالحين فكيف بالجلوس معهم؟ فاللهم ارزقنا قلوبنا خاشعة ومطمئنة يارب العالمين، اللهم رحماك بعباد المسلمين في كل مكان، اللهم انصرهم واحفظهم وارزقهم واكشف عنهم كل كرب وبلاءٍ نزل بهم يارحمن يارحيم، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *