مقال

لماذا تختلف الخريطة الفلكية من مكانلآخر؟

بقلم الباحثة الفلكية أ/سحر حسن منصور
و
خبيرة الأسترولوجي أ/فاطمةصابونجو

تُعدّ الخريطة الفلكية من أهم الأدوات في علم الفلك ، فهي بمثابة بصمة كونية فريدة تُظهر مواقع الكواكب والنجوم في لحظة ميلاد الإنسان. ومن خلالها يمكن قراءة شخصيته، طاقاته، قدراته، وحتى المسارات التي يمكن أن يمرّ بها في حياته. إلا أن هذه الخريطة ليست واحدة للجميع، بل تختلف من مكان إلى آخر على سطح الأرض، حتى لو كان وقت الولادة متطابقًا تمامًا.

السبب العلمي والفلكي وراء اختلاف الخرائط

يعود السبب في هذا الاختلاف إلى أن الأرض كروية الشكل وتدور حول محورها باستمرار، ما يجعل كل موقع جغرافي على الأرض يرى السماء من زاوية مختلفة. فعندما يُولد شخص في بلد معيّن، فإن موقعه بالنسبة للأفق وخطوط الطول والعرض يحدّد كيف تظهر الكواكب في السماء في تلك اللحظة. لذا، فإن أي تغيّر في الإحداثيات الجغرافية — حتى لو كان لبضع مئات من الكيلومترات — قد يؤدي إلى تغيّر في تفاصيل الخريطة الفلكية.

أبرز ما يتأثر بتغيّر الموقع هو البرج الطالع والبيوت الفلكية.
البرج الطالع هو البرج الذي كان يشرق في الأفق الشرقي لحظة الولادة، وهو يتبدّل تقريبًا كل ساعتين. لذلك، إذا وُلد شخصان في نفس الدقيقة، أحدهما في كندا والآخر في تركيا، سيكون طالعهما مختلفًا لأن زاوية الشروق تختلف من مكان إلى آخر.

أما البيوت الفلكية، فهي تقسيم الخريطة إلى اثني عشر قسمًا يمثل كل منها مجالًا من مجالات الحياة، مثل العائلة، الحب، المال، والعمل. وهذه البيوت تعتمد على موقع الأفق وخط الزوال في المكان المحدد، أي أنها تتبدّل بتبدّل الموقع الجغرافي. ولهذا السبب لا يمكن رسم خريطة فلكية دقيقة دون معرفة المدينة والبلد اللذين وُلد فيهما الشخص، بالإضافة إلى الوقت المحلي الذي يُحوّل عادة إلى التوقيت العالمي (GMT) لضمان الدقة.

الأثر النفسي والعاطفي لاختلاف الخريطة

إن تغيّر الخريطة الفلكية من مكان إلى آخر لا يقتصر على الشكل أو الحساب، بل يمتدّ ليؤثر في طريقة ترجمة طاقة الكواكب في حياة الإنسان. فالكوكب نفسه قد يظهر في برج معيّن عند شخصين، لكن وجوده في بيت مختلف يمنحه دلالة مختلفة تمامًا. فمثلًا، وجود كوكب الزهرة في بيت العلاقات عند شخص قد يشير إلى طبيعة عاطفية رومانسية وانفتاح في التعبير عن المشاعر، بينما وجودها في بيت العزلة عند آخر قد يدل على مشاعر عميقة يصعب الإفصاح عنها.

وهنا يأتي دور الطالع الذي يحدّد الانطباع الأول الذي يتركه الإنسان على الآخرين، وطريقته في التواصل والتفاعل مع العالم الخارجي. الطالع هو بوابة الروح إلى الحياة، وهو الذي يمنح الخريطة طابعها الشخصي. لذلك، اختلاف مكان الولادة يعني اختلاف الطريقة التي يُعبّر بها الفرد عن نفسه وعن طاقاته، حتى لو كان يحمل نفس البرج الشمسي أو القمري مع غيره.

الخاتمة: بصمة كونية لا تتكرر

من خلال هذه العوامل، ندرك أن الخريطة الفلكية ليست مجرّد رموز سماوية أو معادلات حسابية، بل هي مرآة دقيقة تعكس العلاقة بين الإنسان والكون. اختلافها من مكان لآخر يعبّر عن فرادة كل روح وعن التناغم الخاص بين موقعها على الأرض وموقع الكواكب في السماء لحظة ميلادها.

إنها دليل على أن كل إنسان يحمل توقيعًا كونيًا مميّزًا لا يتكرر، مهما تشابهت الأزمنة أو الظروف. فكما لا تتشابه بصمات الأصابع، لا تتشابه أيضًا الخرائط الفلكية، لأن كل واحد منا وُلد تحت زاوية كونية مختلفة، تحمل له دروسه، طاقاته، وتجاربه الخاصة في هذا الكون الواسع.

لكم مني كل الحب

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *