
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الكريم الوهاب وهبنا نعمة الإيمان، والأمن في الأوطان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرحيم الرحمن، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان المرسل بالقرآن إلى الثقلين الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن جريمة القتل، وأن يقصد إلى قتل بعض الذين يمكن أن يقال له عهد من أهل الكتاب في بلاد المسلمين، وعلى الأقل لو لهم عهد من رجل واحد من المسلمين، من عامة المسلمين، فيقتل هؤلاء ويقتل معهم مسلمين، ويقول عن هؤلاء الذين يُقتلون من المسلمين يبعثون على نياتهم، هكذا بكل بساطة، يعني يدمر مكانا بكامله وفيه من المسلمين، ويقول يبعثون على نياتهم، أي هؤلاء المسلمين، ما الذي يحل هذا؟ يعني هذا رجل واحد كان من المشركين.
والنبي صلي الله عليه وسلم يقول لأسامة هذا، وهو يقول حتى تمنيت أني لم أسلم، فمسألة الدماء والخوض فيها أمر ليس بالسهل، ينبغي على الإنسان أن يتعقل فيما يأتي وما يذر، وهذا كله يدل على أن الناس يحملون على الظاهر، وتوكل سرائرهم إلى الله، لم نبعث محاسبين للناس، وإنما نحن نبلغهم دين الله، ونعلمهم وندعوهم، وقد جعل الله لكل شيء قدرا، فالحدود لها من يقيمها، وليس ذلك لآحاد الناس، وأحكام الردة لها من يقيمها وليس لآحاد الناس، وإنما على من يدعو إلى الله أن يبلغ ويعّلم بالتي هي أحسن، ويترك حساب الناس على ربهم، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه، فنبينا المصطفي صلى الله عليه وسلم هو المثال والقدوة التي وجّهنا القرآن الكريم إلى إتباعها والسير على خطاها، كي ننال الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة، حيث قال الله تعالى.
” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ” وقد حثنا وأمرنا النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم على التعامل بحُسن الأخلاق مع الوالدين والزوجة، والأقرباء والجيران، والعمال والخدم، والفقراء والأيتام، والأصدقاء والأعداء، ومع الناس جميعاً، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن” رواه الترمذي وقال ابن عثيمين “والمعنى هو أن تعامل الناس بالأخلاق الحسنة بالقول وبالفعل” ومن هدي وخُلق نبينا الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم في معاملته مع الناس عامة، هو معاملتهم على حسب ظواهرهم، دون البحث في نياتهم ومقاصدهم، وترك سرائرهم إلى الله تعالى، قال الشاطبي “إن أصل الحكم بالظاهر مقطوع به في الأحكام خصوصا.
وبالنسبة إلى الإعتقاد في الغير عموما، فإن سيد البشر مع إعلامه بالوحي يجري الأمور على ظواهرها في المنافقين وغيرهم، وإن علم بواطن أحوالهم” والسيرة النبوية مليئة بالمواقف الدالة على معاملة النبي صلى الله عليه وسلم الناس على حسب ظواهرهم، وترك سرائرهم لله عز وجل، ومنها ما روى الإمام البخاري في صحيحه عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال ” بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، قال فصبّحنا القوم فهزمناهم، قال ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، قال فلما غشيناه قال لا إله إلا الله، قال فكف عنه الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، قال فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال لي يا أسامة، أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ قال قلت يا رسول الله، إنما كان متعوذا، قال فقال أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟
قال فمازال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم” وفي رواية للإمام مسلم قال أسامة رضي الله عنه ” قلت يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح، قال أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا، فمازال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ” وفي رواية ذكرها ابن القيم في زاد المعاد ” أفلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب؟”

