
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمد الحامدين، ونشكره شكر الشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، ثم أما بعد ذكر الله تعالي في سورة الحجرات، القواعد التشريعية العظيمة، التي وضعها العليم الخبير جل وعلا لصيانة المجتمع الإسلامي من التمزق، والتشتت والتفكك والضغائن، والأحقاد، ومن القواعد هي القاعدة التشريعية التي نبني من خلالها المجتمع المسلم، فهو مبدأ كريم، ألا وهو قوله تعالي ” إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” فبعد هذه النداءات المتكررة في سورة الحجرات للمؤمنين، يأتي النداء العام للإنسانية كلها.
على إختلاف أجناسها وألوانها وألسنتها، يأتي هذا النداء بهذا المطلع المهيب ” يا أيها الناس” يا أيها المختلطون أجناسا وألوانا وألسنة، يا أيها المتفرقون شعوبا وقبائل يا أيها الناس من لدن آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، يا أيها الناس إن أصلكم واحد فلا تختلفوا، ولا تفتخروا على بعضكم بعضا، ولا يتعالى بعضكم على بعض، إن ربكم واحد، وإن أصلكم واحد، وهو آدم عليه السلام ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” ولقد ذكر الإمام ابن الجوزي في زاد المسير، في سبب نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة أمر بلال رضي الله عنه أن يصعد على ظهر الكعبة ويؤذن، فلما صعد بلال رضي الله عنه ليرفع الأذان على ظهر الكعبة، في البلد الذي طرد منه النبي صلى الله عليه وسلم.
وشاء الله جل وعلا أن يعود إليه رسوله عليه الصلاة والسلام لينشر فيه أنوار التوحيد والإيمان، فقام بلال رضي الله عنه ليرفع الأذان على ظهر الكعبة، فقال الحارث بن هشام أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا؟ فنزل قول الله جل وعلا ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ” وله شاهد عند الإمام السيوطي في الدر المنثور، وعزى هذا الحديث إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن أبي مليكة ” أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا” فنزلت هذه الآية لتربي القلوب، وتهذب الضمائر والأخلاق، واعلموا إن من الجهل بمكان أو من المخادعة بمكان أن نقول للمرأة المستقرة في بيتها أنتي مسكينة لأنكي عضو مشلول لا دور له في الحياة فإن هذا الكلام لا يصح من جهات عدة أولا، لأن مهمة تربية الأولاد مع الإشراف على خدمة الزوج والبيت والأولاد.
أعظم وأخطر مهمة في الحياة لأنه بإستقامتها يستقيم كل شيء وباعوجاجها يعوج كل شيء، والرجل في عمله خارج البيت يتعامل مع جمادات، أما المرأة فتتعامل مع الإنسان الذي كرّمه الله وفضله على سائر مخلوقاته والأنبياء كما يقال ربتهم نساء، وكما قيل وراء كل رجل عظيم امرأة، وهذه حقيقة لا مكان فيها للمجاملة، وشتان بين هذه المهمة وتلك، وثانيا لأن الذين يقولون هذا الكلام يكيلون بمكيالين فإذا اعتبروا أن المرأة مشلولة إذا لم تعمل خارج البيت فلماذا لا يقولون عن الرجل لأنه لا يعمل داخل البيت بأنه مشلول لماذا ؟ وكما أنه عليكم الإختيار لأولادكم الأسماء الحسنة، فإن ذلك من حقوق الأولاد على الآباء والأمهات، ولا تفضلا الذكور من أولادكم على الإناث، فإذا فعلتما ذلك كان الواحد منكما كمن يحتقر نفسه، فضلا عن أن هذا من بقايا الجاهلية.
التي يفترض أن الدهر أكل عليها وشرب، وأدبا أولادكم وكلفاهم من الصغر بفضائل الأعمال ليتعودوا عليها بسهولة في الكبر، بارك الله ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الآيات والذكرالحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

