مقال

النفس الإنسانية القائمة على الإيمان


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين ثم أما بعد فيا أمة الإسلام، أمة الأخوة والصلاح إنه مبدأ عظيم من مبادئ الإسلام ضعف في حياة الأمة يوم أن تبدلت الموازين فأصبح المال هو الميزان الأول به يوزن الرجال وعليه تقوم العلاقات من المحبة والولاء وغيرها من المعان السامية، أعرفتم ما هو هذا المبدأ ؟ إنه مبدأ الأخوة في الله تعالي، فالأخوة في الله نعمة ربانية ومنحة إلهية يقذفها الله تعالي في قلوب عباده الأصفياء وأوليائه الأتقياء.

والأخوة في الله تعالي صفة ملازمة للإيمان حيث يقول تعالى ” إنما المؤمنون أخوة ” فإذا قامت الأخوة على غير الإيمان والتقت على المصالح الدنيوية والمنافع الشخصية فإنه تورث العداوة والبغضاء مع أول صراع على الدنيا يبدو وفي أول تنافس على المغانم وابتغاء المصالح يظهر، وإن وجدت مسلما فيه إيمان وتقوى ولم تجد معه أخوة صادقة، وصداقة مخلصة فهو إيمان ناقص وتقوى مشروخة أما أنه إيمان ناقص لما أخبر به حبيبنا خير الورى صلوات ربي وسلامه عليه بقوله ” لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” وأما أنها تقوى مشروخة فلقوله تعالى ” وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ” والنفس الإنسانية القائمة على الإيمان الممتزجة بالتقوى بمجرد أن تلتقي مع ما يماثلها إيمانا وتقوى.

فإنها تشعر بالإنس في أول لحظات اللقاء، وتحس بالصفاء في أول لمحات التعارف بل تمتزج نفساهما كأنهما نفس واحدة ويتجاذب قلباهما كأنهما قلب واحد، فإذا بالمحبة تنبض في عروقهما والأخوة تسري في دمائهما والمودة تتألق في وجهيهما، فيمسك الأخ بيد أخيه في رفق وإشفاق وحنو ليسيرا معا في رياض الصفاء إلى هذه المعاني وغيرها أشار الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يوم أن قال ” الأرواح جنود مجنده فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ” فيا معاشر المتحابين في الله إن لعظم مكانة الأخوة في الله عند الله رتب عليها الأجر العظيم وهاكم طرفا من ذلك الأجر فالمتحابون في الله يعطيهم الله النور والأمن يوم القيامة، والمتحابون في الله تغفر ذنوبهم كلما التقوا، وقد خرج الإمام الطبراني عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال.

” إن المسلم إذا لقي أخاه المسلم فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما تتحات الورق عن الشجرة اليابسة في يوم ريح عاصف وإلا غفر لهما ذنوبهما ولو كانت مثل زبد البحر” فالمتحابون في الله وعدهم الله بظل تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله، فهم من ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، فالمحبة في الله سبب لحب الملك الديان للعبد، والمتحابون في الله أعد الله لهم بكل زيارة بينهم نزلا في الجنة، والمتحابون في جلال الله يعرف قلوبهم حلاوة الإيمان، فيا معاشر المتآخين في الله قد يتساءل البعض كيف يعرف أن أخوته لأخيه في الله ؟ فأقول له هناك شرائط متى تحققت كانت الأخوة في الله منها أن تكون الأخوة خالصة لله لا من أجل جمال الأخ ولا من أجل ماله أو منصبه وجاهه وإنما من أجل دينه وورعه، وأن تكون مبنية على الإيمان والتقوى

لا على المصالح الدنيوية، وأن تكون ملتزمة بمنهج الإسلام وقد كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر لما تشتمله من تلخيص عجيب لمنهج الإسلام، وأن تكون الأخوة قائمة على أساس النصح لله، وأن تكون مبنية على التعاون في السراء والضراء، وكم ممن يدعي الأخوة في الله تقتصر أخوته على السراء وتضيع عنده معاني الأخوة في الضراء.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *