
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، الحمد لله الذي جعل حبه أشرف المكاسب، وأعظم المواهب، أحمده سبحانه وأشكره على نعمة المطاعم والمشارب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزّه عن النقائص والمعايب، خلق الإنسان من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله الداعي إلى الهدى والنور وطهارة النفس من المثالب، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فهي سبيل النجاة والفلاح، أما بعد لقد أمرنا الله عز وجل بالرفق في كل شيء حتي الرفق مع الحيوان، فالكل يسمع بمنظمة الرفق بالحيوان وهي في الظاهر منظمة ترعى حقوق الحيوان كما يبدو للرائي والسامع حين يشاهد ويسمع، إلا أن الحقيقة أن هذا الاسم بعيد كل البعد عن ظاهره، فهي في ظاهرها تحمل الرحمة والرفق وفي باطنها تحمل القسوة والرق.
فمن تأمل حال الحيوان في الغرب لوجد عجبا إذ كيف يدعون للرفق وهم يصعقون الحيوان بالكهرباء ويصوبونه بالطلق الناري ويضربونه بالآلات الحديدية على أم رأسه حتى يخر ميتا، بل وتسلخ جلود الحيوانات وهي لم تمت، وهذا ما شهدت به وسائل إعلامهم، وما رآه الأطباء وأهل المعرفة من أبناء الإسلام، الذين وفدوا إلى تلك الدول الغربية، فأي رفق يدعونه وأي رحمة يزعمونها وهم أبعد ما يكون عن الرحمة والرأفة، فكم طالعتنا وسائل الإعلام المختلفة بالهجمات الشرسة التي تقوم بها تلك المنظمات اليهودية والنصرانية التي تريد إبعاد المسلم عن عقيدته، وتنحيته عن دينه، وذلك بتشكيكه في أعظم ما يعتقده المؤمن من دينه، ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه، ألا وهو الذبح لله والتقرب إليه بإراقة الدماء فقد قال جل شأنه ” قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ”
وقال تعالى ” فصل لربك وانحر ” وقال تعالى ” لن ينال الله لحومها ولا دمائها ولكن يناله التقوى منكم ” فلقد أمر الله تعالى عباده بأن يكون ذبحهم له سبحانه وأن يخلصوا في ذلك، فيقول الذابح عند ذبح بهيمته ” بسم الله اللهم هذا منك ولك ” فهذه البهائم والنعم من فضل الله تعالى على عباده، فمنها يأكلون ومنها يركبون وعليها يحملون أمتعتهم وبضائعهم، وقال تعالى ” ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ” وقال تعالى ” والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ” وقال تعالى ” أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون ” فهذه الآيات دلت دلالة قاطعة على أن الله تعالى بحكمته البالغة، وعلمه الذي وسع كل شيء.
قد خلق هذه الأنعام التي بين أيدينا وجعلها طعاما لنا وجعل منها مركبا، ومنها زينة يتخذها الناس ومنها ما يحرث الأرض، ومنها ما يحمى الزرع ومناه ما يستخدم في الصيد وغير ذلك كثير، فمنافعها كثيرة جدا، ومنها ما سخره الله تعالى لنا لنأكله، ونتقرب بذبحه إليه سبحانه فالهدي والأضاحي والعقيقة والصدقة العامة، كل تلك الأنعام تقع من الله بمكان قبل أن يقع دمها على الأرض، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وقدوة طيبة، ومثالا يحتذى به، فهو أرحم بنا من أنفسنا، وشفقته بنا عظيمة، وحرصه علينا كبير، وقال تعالى ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرا ” والنبي صلى الله عليه وسلم كان أعظم الناس رحمة بالبهائم، واعطف عليها من الخلق جميعا، وسنته مليئة بذلك.

