مقال

آية من آيات الله الكونية في هذا الكون الفسيح


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي نزّل على عبده الفرقان ليكون للعالمين نذيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إنه كان بعباده خبيرا بصيرا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فاللهم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أن الرياح والهواء آية من آيات الله الكونية في هذا الكون الفسيح، وقال ابن كثير رحمه الله وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما، فإن نعم الله علينا كثيرة، وآلاؤه غزيرة، وأياديه جليلة، تستدعي العقول للتأمل والإنتباه، ومن أجلّ نعم الله على البشر هو نعمة الهواء الذي يحيط بنا، تلك النعمة التي لم يملكها الله تعالى لأحد، ولم يحجزها ويمنعها أحد من الأحياء، بل ساوى بين الجميع في وجوه الإنتفاع بها.

فمن الذي يقدر أن يمنع عنك النفس الداخل، أو يقف ويسد عليك طريق النفس الخارج؟ فلقد وفر الخالق سبحانه وتعالي الهواء بكميات هائلة تكفي حاجة الكائنات، ويسّر مكانه على وجه الأرض دون أن تتعب، أو تتكلف في جمعه أو نقله أو تخزينه، أو تخشى فقده أو ضياعه، وفي مشهد الطيور السارحة مشهد يدعوا للتدبر والتفكر والتأمل، فإنه مشهد رائع حقا، نبه الخالق العظيم عليه عندما تنظر إلى الطير المسخر بين السماء والأرض، ما يمسكه إلا الله بقدرته، فجعل الهواء يحمل الطيور، ويسر وحبب إليها الطير، لذلك فلا تقع على الأرض، وبدون الهواء ما كان لطائر أن يطير، فالطيور تدفع كميات الهواء اللازمة لتسبح عليها، ولم يقتصر الهواء على حمل الطيور فقط، بل تراه اليوم يحمل الطائرات بأثقالها كما تحمل البحار السفن، وكما أن من آيات الله تعالي في الهواء.

هو الغلاف الجوي وأنه محيط نعيش في قاعه، كما تعيش كثير من الأحياء والأسماك في قاع البحار والمحيطات، وهو كتلة من الغازات تحيط بالكرة الأرضية، ويزن هذا المحيط من الهواء حوالي خمسة آلاف مليون مليون طن، ويسلط منه على رؤوسنا حوالي خمسة عشر باون أي رطل، لكل بوصة مربعة، لكننا لا نشعر بهذا الضغط لأن الخالق الحكيم الرحيم أوجد ضغطا لدماء وسوائل الجسم ما يعادل هذا الضغط الخارجي للهواء، ويتناسب معه، وكما أنه من ىيات الله تعالي هو ظاهرة نقص الأكسجين في طبقات الجو العليا، حيث أنه منذ تم إكتشاف الطيران ظهر للعلماء أن الإنسان كلما حلق وإرتفع في أجواء السماء كلما نقص الأكسجين، وعندها يشعر الإنسان بضيق الصدر وصعوبة التنفس حتى يكاد يشعر بالإختناق، ولكن الله تعالى أشار إلى ذلك.

قبل إكتشاف الطيران بمئات السنين، ولذا فالطيارون الذين يصعدون إلى إرتفاعات عالية يقل فيها الضغط الجوي تعد طائراتهم لمعادلة هذا النقص في الضغط، وإلا إنفجرت الدماء في أجسامهم، وتعرضوا للهلاك، لإختلال توازن الضغط وفي الهواء تشهد رزق الله تعالى، فالهواء يقوم بتلقيح الأزهار، ومعظم التلقيح في النبات تقوم به الرياح، ولولا ذلك لتعذر الحصول على الطعام والحب والثمار، وإقتضت حكمته تعالى أن يملأ الهواء الجوي بغاز النيتروجين الذي يساعد النباتات البقولية في صنع غذائها عن طريق الإمتصاص، كما أن عواصف البرق تؤدي إلى إتحاد الأكسجين والنيتروجين لتكوين أكسيد النتروز الذي ينزل مع المطر فيكون سمادا للتربة، فالإحياء لا يكون للإنسان فقط، بل يكون للتربة كذلك.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *