
بقلم : هاله المغاورى
في مشهدٍ سياسي لا يزال يفتقر إلى التنوع والتمثيل الحقيقي، تبرز المحامية البريطانية ليلى كانينغهام كوجه جديد يحمل مزيجًا من القوة والهوية والتحدي.
فهي أول مسلمة من أصول مصرية تُعلن نيتها خوض غمار المنافسة على منصب عمدة لندن ضمن صفوف حزب الإصلاح البريطاني (Reform UK)، لتفتح بابًا واسعًا للنقاش حول تمثيل الجاليات العربية والمسلمة في الحياة العامة البريطانية.
وُلدت ليلى لأبوين مصريين هاجرا إلى بريطانيا في ستينيات القرن الماضي، واستطاعت أن تنشأ في بيئة تجمع بين روح الشرق وثقافة الغرب.
درست القانون، وتخصّصت في المجال الجنائي، لتبدأ مسيرتها المهنية في هيئة النيابة الملكية (Crown Prosecution Service – CPS)، حيث عملت مدعية عامة وتولت عدداً من القضايا البارزة التي أكسبتها سمعة مهنية محترمة داخل المؤسسة القضائية البريطانية.
لكن طموحها لم يتوقف عند حدود العمل القانوني. فبدافع الإيمان بدور المرأة في القيادة والمشاركة المجتمعية، دخلت عالم السياسة، لتُنتخب عضواً في مجلس مدينة ويستمنستر (Westminster City Council) ممثلة عن منطقة لانكاستر غيت في لندن.
في منتصف عام 2025، أعلنت كانينغهام انشقاقها عن حزب المحافظين وانضمامها إلى حزب الإصلاح البريطاني، وهو الحزب الذي يتبنّى خطابًا أكثر حدة في قضايا الهجرة والأمن. وبرّرت قرارها بأن انتماءها الجديد نابع من “رغبتها في الدفاع عن العدالة والشفافية، بعيدًا عن حسابات النخب السياسية”، على حد تعبيرها.
هذا الانتقال أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، خاصة وأن الحزب الذي انضمت إليه معروف بتوجهاته القومية المحافظة، بينما تُعتبر هي نموذجًا للمرأة المسلمة التي تمثل التنوع الثقافي والاجتماعي في بريطانيا الحديثة.
تصفها بعض وسائل الإعلام بأنها تجمع بين
جمال الشرق وعزيمة الغرب، وهي أم لسبعة أطفال، لا ترى في ذلك عبئًا بل مصدر إلهام.
في أكثر من مناسبة تحدثت ليلى عن أن الأمومة علّمتها القيادة، وأن من تدير بيتًا بسبعة أبناء يمكنها إدارة مدينة بحجم لندن
ترى كانينغهام أن هويتها المزدوجة ليست عبئًا بل قوة. فهي بريطانية في انتمائها ووعيها المدني، ومصرية في جذورها وثقافتها
وفي تصريحاتها الإعلامية الأخيرة، أكدت أن تجربتها “تجسّد ما يمكن أن يقدّمه أبناء الجاليات العربية والمسلمة من طاقات إيجابية للمجتمع البريطاني”.
ورغم الجدل الذي يرافق اسمها — بين مؤيد يرى فيها نموذجًا نسائيًا مُلهمًا، ومنتقد يعتبرها واجهة لحزب يميني — فإن ظهورها في السباق السياسي نحو عمدة لندن يمثّل لحظة لافتة في تطور المشاركة العربية والمسلمة في المشهد البريطاني العام.
ليلى كانينغهام ليست مجرد مرشحة سياسية، بل قصة عن التعدد والانتماء والطموح.
قصة تُظهر أن الطريق نحو التمثيل الحقيقي في المجتمعات الغربية يبدأ بالشجاعة على كسر القوالب النمطية، وبالإيمان بأن الهويّة لا تُختزل في الأصل أو الدين، بل تُبنى بالفعل والمشاركة.