
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده سبحانه ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد لقد لحرص الصحابة والتابعين والعلماء والحكماء على التحذير من آفة الكذب، ولذلك فقد نظموا من الأقوال ما يكتب بماء العيون لما فيها من معاني دقيقة وفائدة عظيمة، فقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” لأن يضعني الصدق وقلما يضع أحب إليّ من أن يرفعني الكذب، وقلما يفعل ” وقال ابن عباس رضي الله عنه ” الكذب فجور، والنميمة سحر، فمن كذب فقد فجر، ومن نم فقد سحر” وقال الإمام ابن القيم رحمه الله ” إياك والكذب فإنه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه، ويفسد عليك تصويرها وتعليمها للناس “
وقال الجاحظ رحمه الله الصدق والوفاء توأمان، والصبر والحلم توأمان، فيهن تمام كل دين، وصلاح كل دنيا، وأضدادهن سبب كل فرقة، وأصل كل فساد ” وقال أحد الحكماء ” من إستحلى رضاع الكذب عسر فطامه ” فيا عباد الله إن من الأمور التي إنتشرت وللأسف الشديد بين بعض المسلمين ما يسمى بكذبة أول شهر إبريل، وهو هذا اليوم ومن يفعل ذلك فقد شابه الكفار في هذا العيد من أعيادهم، وإرتكب الكذب المحرم ولو كان لقصد المزاح، وهو داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم ” من تشبه بقوم فهو منهم” فإتركوا إتباع الكفار، وإقتدوا برسولكم الصادق الأمين المصطفي صلى الله عليه وسلم، وإن الكذب منشأٌ لكثير من الأخلاق السيئة كالخيانة والغدر، والفجور والجبن والبخل والكاذب لا يوثق بوعده إذا وعد، ولا يصدق في خبر إذا أخبر.
فالكذب ذلة في الدنيا ومهانة وإثم وعذاب يوم القيامة، فاحترسوا من الكذب وعليكم بالصدق، فقال الله تعالي في سورة التوبة ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ” فيا عباد الله إن بعض الناس يتساهل في قضية المقالب على أصحابه بحجة الضحك فيأخذ أغراض صاحبه فيخبئها أو يكذب عليه أو يروعه ويخوفه كل ذلك لأجل الضحك عليه، وهذا كله محرم بصريح السنة عن نبينا المصطفي صلى الله عليه وسلم، والكذب حرام سواء كان صاحبه مازحا أو جادا، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم ” إني لأمزح ولا أقول إلا حقا ” رواه الطبراني، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قالوا يا رسول الله، إنك تداعبنا قال إني لا أقول إلا حقا” رواه الترمذي، وعن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أنهم كانوا يسيرون مع رسول الله عليه الصلاة والسلام في مسير فنام رجل منهم فإنطلق بعضهم إلى نبل معه فأخذها أي أخذوا أسهمه وسلاحه فلما إستيقظ الرجل فزع فضحك القوم فقال ما يضحككم؟ فقالوا لا إلا أنا أخذنا نبل هذا ففزع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يحل لمسلم أن يروع مسلما ” رواه أحمد وأبو داوود، وعن عبد الله ابن السائب ابن يزيد عن أبيه عن جده أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” لا يأخذ أحدكم متاع أخيه لاعبا ولا جادا ومن أخذ عصا أخيه فليردها” رواه أبو داوود والترمذي، وقد دلت السنة النبوية الشريفة على جواز الكذب في مواضع معدودة وعند الحاجة وليس دائما، وذلك حيث يترتب عليه من المصلحة أعظم مما فيه من المفسدة وهي الخدعة في الحرب وإصلاح ذات البين وإصلاح الزوجة أو الزوج.