مقال

مشكلة وحل طلاق قبل الدخول كلمة غضب تهدد أسرة كاملة

بقلم
د كامل عبد القوي النحاس
مأذون شرعي معتمد مستشار وخبير شؤون الأسرة
تعريف مهنى
د. كامل عبد القوي النحاس مأذون شرعي ومستشار وخبير في شؤون الأسرة متخصص في قضايا الزواج والطلاق والنزاعات الأسرية له إسهامات بحثية وصحفية في فقه الأسرة والأحوال الشخصية ويُعنى بتقديم المعالجة الشرعية بقالب إنساني يوازن بين الحكم والرحمة، وبين النص والواقع

المشكلة
أرسلت تقول
تم عقد قراني وقبل الدخول بي وأثناء وجودي في بيت أسرتي نشب خلاف بيني وبين زوجي فغضب وقال لي أنتِ طالق
ثم هدأ بعد ذلك وأخرج كفارة ولم نُخبر أحدًا بما جرى
بعدها تم الزفاف والدخول ورزقنا الله بطفل
ثم وقع خلاف جديد فقال لي زوجي مرة أخرى أنتِ طالق وكنت في ذلك الوقت حائضًا فغادرت بيت الزوجية إلى بيت أبي
اليوم يرغب زوجي في إرجاعي لكن أبي يرفض عودتي إلا بعد ردّ الطلاق بينما يقول زوجي إن الطلاق الواقع في الحيض لا يقع
وأنا في حيرة شديدة بين الرأيين، وقلبي معلق ببيتي وطفلي وأتمنى الرجوع إلى زوجي واستقرار أسرتي فما الحكم وهل أعود لبيتى دون إذن أبى
الجواب
قبل الخوض في التفاصيل الفقهية، لا بد من وقفة إنسانية صادقة يملؤها التعاطف والحرص على هذه الأسرة التي أنهكها القلق والحيرة فالزواج لم يُشرع ليكون ساحة للتهديد ولا متنفسًا للغضب وإنما جعله الله سكنًا ورحمة وأمانًا تُحفظ به البيوت وتُصان به النفوس
وليس جوهر الإشكال في الطلاق الأخير سواء قيل بوقوعه أو بعدم وقوعه وإنما مكمن الخطر الحقيقي في الطلاق الأول الذي صدر بعد العقد وقبل الدخول إذ يجهل كثيرون آثاره الشرعية فيتجاوزونه ظنًّا أنه قد زال بالكفارة أو بالصمت وهو في ميزان الشرع أمر بالغ الخطورة.
فالطلاق قبل الدخول إذا صدر بلفظ صريح مستوفٍ لشروطه فهو طلاق بائن بينونة صغرى باتفاق الفقهاء ولا تُجزئ فيه كفارة لأن الكفارة إنما تكون في اليمين أما الطلاق فله حدوده التي لا تُمحى بالتغاضي ولا تُجبر بالندم وحده وبناءً عليه،ط فإن الزوجة إن ثبت وقوع هذا الطلاق لا تحل لزوجها إلا بعقد ومهر جديدين وبرضاها الصريح
ومن باب الرحمة بالزوجين والشفقة على الطفل الذي لا ذنب له فإن الطريق الآمن ليس في التسرع ولا في تبادل الاتهامات وإنما في التحقيق الشرعي الهادئ في واقعة الطلاق الأول تحقيق يُقصد به رفع الحيرة وقطع الشك وبناء الحياة الزوجية إن عادت على أساس صحيح لا خوف فيه ولا اضطراب
ويُنظر في هذا التحقيق إلى
صيغة اللفظ الذي نطق به الزوج
قصده الحقيقي عند التلفظ،
درجة الغضب التي كان عليها
والقرائن المحيطة بالواقعة.
فإن ثبت وقوع الطلاق الأول كان الطلاق الثاني تابعًا له ولا أثر مستقل له ولا تكون العودة إلا بعقد جديد يُفتح فيه باب جديد من الوعي وضبط اللسان وصيانة الأسرة
وإن ثبت عدم وقوعه نُظر حينها في حكم الطلاق الثاني وعولج الأمر بالحكمة والسعي الصادق إلى الإصلاح ولمّ الشمل حفاظًا على كيان الأسرة ومصلحة الطفل
وخلاصة القول
الرحمة الحقيقية لا تكون بتجاوز أحكام الله بل بالالتزام بها وبناء البيوت على اليقين لا على الخوف وعلى الوضوح لا على المجاملات. فالطلاق كلمة لكنها قد تصنع قدر أسرة كاملة، ومن اتقى الله في لسانه جعل الله له من أمره رشدًا.
د. #كامل_النحاس

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *