
بقلم: هالة عكاشة
تخيّل نفسك عالقًا في زحمة مرورية خانقة، أو في طابور طويل يزداد طولًا بدل أن يقصر… فجأة تشعر أن أعصابك على وشك الانفجار. لماذا يحدث هذا؟ ولماذا يبدو فقدان السيطرة بالنسبة لنا أكثر تهديدًا من الموقف نفسه؟
الدماغ تحت الضغط
علم الأعصاب يخبرنا أن أي إحساس بفقدان السيطرة يُطلق صافرة إنذار داخلية: “القتال أو الهروب”. هذه الآلية البدائية أنقذت أسلافنا من الأخطار في البرية (McEwen, 2007, Physiology & Behavior). لكن المشكلة أن دماغنا الحديث لا يفرّق بين نمر يهاجمنا… وتأخر ميكروباص عن ميعاده.
الغضب قناع وراءه خوف
بحسب علم النفس، الغضب غالبًا ليس إلا غطاءً لمشاعر أعمق: خوف، ضعف، أو تهديد داخلي (American Psychological Association, 2023). فبدلًا من الاعتراف بالخوف، يختار البعض الانفجار غضبًا حتى لا يظهروا بمظهر الضعف.
ذاكرة الجروح القديمة
التجارب الصادمة—كخيبة الثقة أو فقدان شخص عزيز—تظل محفورة في ذاكرتنا العاطفية. لذلك، أي موقف مشابه ولو بسيط قد يُشعل نفس الإنذار القديم (Tavris, 1989, Anger: The Misunderstood Emotion).
كيف نواجه الموقف؟
الخبر الجيد أن السيطرة ممكنة، ليس على الظروف دائمًا، بل على ردود فعلنا:
- التنفس العميق: ثلاث شهيقات وزفير بطيء كفيلة بتهدئة الجهاز العصبي.
- تغيير المكان: أحيانًا الخروج من الغرفة يُخرجك من دائرة الانفعال.
- تسمية المشاعر: مجرد أن تقول لنفسك “أنا خائف” أو “أنا متوتر” يخفف شدتها.
- تأجيل الرد: أعطِ نفسك 10 دقائق قبل أي قرار أو رد انفعالي.
- إعادة التقييم: اسأل نفسك: “هل فقدان السيطرة يعني أنني ضعيف؟ أم أنه فرصة لأتعلم كيف أهدأ؟”
المعركة الحقيقية
الحياة لن تتوقف عن اختبارنا، لكن القوة الحقيقية ليست في التحكم بكل الظروف، بل في التحكم بأنفسنا. فحين ندرك أن فقدان السيطرة ليس عيبًا، بل إشارة من عقلنا لحمايتنا، نصبح أقدر على تحويل الغضب والخوف إلى وعي ونضج.