
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أمر بالإجتماع ونهى عن الإفتراق، وأشهد أن لا إله إلا الله الحكيم العليم، الخلاق الرزاق، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، رُفع إلى السماء ليلة المعراج حتى جاوز السبع الطباق، وهناك فرضت عليه الصلوات الخمس بالاتفاق، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين نشروا دينه في الآفاق، ومن تبعهم بإحسان إلي يوم التلاق ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي عن يوم القيامة وعن أهوال يوم القيامة، وعن أهل الجنة، وقال النووي رحمه الله في أهل الجنة، لا إختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب واحد، لا يتمخطون ولا يتفلون، على صورة أبيهم آدم، وعلى خلق رجل واحد، ولا خلاف أن أهل الجنة كلهم كاملون في الخُلق والخَلق جميعا، وقد ورد أن الله سبحانه ما خلق نبيا إلا حسن الصورة وحسن الصوت.
ولكن قوله تعالى “وإنك لعلى خلق عظيم” هو بيان أن يكون لرسول الله محمد صلى الله تعالى عليه وسلم شأن عظيم في خلق تصويره الجسيم، فإن المؤمن مرآة المؤمن، فبمقدار صفاء المرآة وصقالتها وتخليتها وتجليتها تنعكس وتتجلى فيها صورة المحبوب المطلوب، وأما كيفية معيشة الناس يوم القيامة، فالكتاب والسنة مملوءان بالنصوص الشرعية في بيان كيفية معيشة أهل الجنة، وما هم فيه من النعيم ونسأل الله بمنه وكرمه، أن يجعلنا منهم وبيان حال أهل النار، وما هم فيه من العذاب الأليم نعوذ بالله أن نكون منهم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كذلك يحشر الناس يوم القيامة، فيقول من كان يعبد شيئا، فليتبعه، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون
فيقول أنا ربكم، فيقولون نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا عز وجل، فإذا جاء ربنا عز وجل عرفناه، فيأتيهم في صورته التي يعرفون، فيقول أنا ربكم، فيقولون أنت ربنا، فيدعوهم فيتبعونه” فكيف يتبع هؤلاء الناس القمر، والشمس، وقد عذّبوا في قبورهم على ذلك؟ وما حال المؤمنين الذين هم عالمون بشأن هذا الحديث حين يأتيهم الله تعالى على الصورة الأولى؟ وهنا نقول بأن الإمام القسطلاني قال في إرشاد الساري هو إتباعهم لمن يعبدونه حينئذ بإستمرارهم على الإعتقاد فيهم، أو بأن يساقوا إلى النار قهرا، والظاهر هو الثاني من أنهم يساقون قهرا، لا إستمرارا على إعتقادهم لما ذكره السائل من أنهم عرفوا بطلان ذلك في قبورهم، والصواب أن اتباعهم للشمس والقمر ليس على وجه العبادة والإعتقاد، وإنما هو إمتثال للأمر الذي لا محيد لهم عنه.
وتكون حقيقة الحال أنهم يساقون بذلك إلى جهنم على رغم أنوفهم، كما قال تعالى ” احشروا الذين ظلموا وازواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلي صراط الجحيم ” وقال محمد الأمين الهرري في شرح صحيح مسلم “فيقول” لهم حين أراد فصل القضاء “من كان يعبد” دون الله “شيئا” من المعبودات طفليتبعه” إلى النار، أي فليلحقه إلى النار، وقد روى البخاري ومسلم حديث أبي سعيد هذا برواية أخرى، بلفظ إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن تتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى من كان يعبد غير الله من الأصنام، والأنصاب، إلا يتساقطون في النار” وفي رواية للبخاري ينادي منادي ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، والمقصود أن الأمر بإتباع كل عابد لمعبوده.
إنما هو من باب تولية المرء هناك ما تولاه هنا في الدنيا، قياما بالقسط، وإقامة للعدل، وإظهارا للحق، وفصلا بين الناس، قال الحافظ ابن حجر في كتاب “فتح الباري” وقع في حديث ابن مسعود رضي الله عنه “ثم ينادي منادي من السماء أيها الناس، أليس عدل من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم ثم توليتم غيره أن يولي كل عبد منكم ما كان تولى؟ فيقولون بلى، ثم يقول لتنطلق كل أمة إلى من كانت تعبد” فنسأل الله تعالي العفو والعافية يا رب العالمين.

