
بقلم/ رضوان شبيب
شهدت محافظة الشرقية واقعة مؤلمة تعيد إلى الواجهة ملف العنف داخل أماكن التعليم غير الرسمية، حين تحولت مشكلة غياب طالبة عن حصة درس خصوصي إلى حلقة مأسوية من العنف.
بحسب ما ورد من شهادات شهود ومعلومات أولية، قامت المعلمة سارة خ. بفرض عقوبة بدنية على طالبة داخل مركز الدروس الخصوصية بقرية بهنباي بمركز الزقازيق، ما أدى إلى حالة رعب وأثر نفسي واضح على الطالبة. وفي رد فعل سريع دفاعا عن ابنته، اقتحم والد الطالبة المركز وانقلب الموقف إلى اعتداء أوسع، إذ انهال على المعلمة بضربات باستخدام عصا وأداة حديدية، ما أسفر عن إصابتها بنزيف و ارتجاج في المخ ونقلها إلى العناية المركزة.
الوقائع هنا تحمل أكثر من بعد:
الطالبة ضحية في المقام الأول؛ إذ لم تكن بيئة التعلم آمنة تحميلها من الضرب أو الترهيب.
المعلمة ارتكبت خطأ مرفوضا بممارسة العنف الجسدي تجاه طالبة، وهو سلوك لا يبرر بأي حال.
الأب أخطأ أيضًا حين اختار الانتقام بالعنف، متجاوزاً القانون وحقوق الغير، و مسبّبًا أذيا جسيما لشخص آخر.
هذه الحلقة المفرغة من العنف — بين معلم متجاوز وولي أمر منتقم — تكشف إخفاقات في منظومة التعليم والرقابة الاجتماعية، خصوصًا داخل مراكز الدروس الخصوصية التي تعمل في كثير من الحالات دون معايير واضحة أو رقابة صارمة.
مطالب واضحة إلى الدولة والمجتمع
من هذه الواقعة نستخلص أن الحل يحتاج إجراءات عاجلة وحاسمة من الجهات المختصة، نطالب بما يلي:
1. قضاء نهائي على فوضى الدروس الخصوصية تدريجيًا: عبر خطة وطنية تقلل الاعتماد على الدروس الخصوصية، بدءاً بتطوير جودة التعليم الرسمي، ومراجعة منظومة المناهج، وتحسين عاملات التحفيز للمعلمين في المدارس الحكومية لتقليل الحاجة للسناتر.
2. تنظيم مراكز الدروس الخصوصية و ترخيصها: فرض معايير تشغيلية صارمة ،،تراخيص، لوائح سلوكية للمعلمين، إجراءات شكاوى، زيارات تفتيشية دورية،، ومساءلة فورية للمخالفين.
3. حماية قانونية للطلاب والمعلمين: تشديد العقوبات على كل من يمارس العنف داخل المؤسسات التعليمية أو مراكز الدروس الخصوصية، مع اعتبار العنف ضد الطلاب جريمة يعاقب عليها القانون أشد العقوبات.
4. قنوات شكوى سريعة ومحمية: إنشاء آليات تلقي بلاغات (هاتفية و إلكترونية) تضمن سرية المبلغين وحمايتهم، وتؤمن متابعة فورية من الجهات المختصة.
5. برامج توعية وتدريب: حملات توعية للأهالي عن مخاطر العنف وبدائل التعامل القانوني، وتدريب للمعلمين على أساليب التأديب التربوي غير المؤذية وإدارة السلوك داخل الصف.
6. دعم نفسي واجتماعي للضحايا: تقديم خدمات نفسية وقانونية للطلاب المعترضين للعنف وأسرهم، وكذلك دعم ضحايا الاعتداءات من العاملين في التعليم.
7. محاسبة عادلة وسريعة: متابعة التحقيقات بصورة شفافة أمام الرأي العام، وإحالة المتورطين إلى القضاء مع توفير معلومات دورية عن سير التحقيق دون المساس بسرية التحقيقات الضرورية.
في الختام رسالة إلى الجميع
العنف لا يولد عدلاً، بل يورث جروحا نفسية واجتماعية لا تشفي بسرعة. المطلوب مجتمع يحترم القانون، و أهلا يتعاملون بعقلانية، و معلمون يتسلحون بالمهارات التربوية لا بالعنف. الدولة وحدها لا تكفي لكن عليها أن تقود الإصلاح بوضع الضوابط والحوافز المناسبة لحماية أبنائنا ومعلمينا على حد سواء.

