مقال

ضرر إتخاذ النحل بين أبراج الحمام

ضرر إتخاذ النحل بين أبراج الحمام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على إمتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلّ اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد ذكرت المصادر الكثير عن بناء الفرن أو المصنع بين البيوت لصناعة مادة معدنية أو كيماوية، وقد سئل الفقهاء والعلماء فأفتوا بمنعه، وسئل أحمد بن عبد الله اللؤلؤي عن رجل ابتنى فرن قراميد وهي مادة معدنية، فشكا جيرانه إضراره بمن يجتمع إلى الفرن، ومن يرد عليه، فأجاب ليس ذلك بضرر، ولا يمنع من إحداثه، إلا أن يضر بنيانه، أو تؤذي تلك النار البيوت المجاورة لها من قيمتها وما يندفع منها، وكما ذكرت المصادر الكثير عن اتخاذ النحل بين أبراج الحمام سئل فقهاء قرطبة عن بعض أهل البوادي من عمل لهم أبرجة حمام قديمة.

وأن قوما من أهل تلك البوادي أحدثوا عليهم نحلا إتخذوها في تلك البوادي في قشور وكوى، وأن تلك النحل تضر بحمام الأبرجة في مسارحها عند الماء وغيره، حتى بحجر الحمام، وربما أضر بها ذلك في قوائل، وبالماشية عند شربها الماء، فأجابوا بأن قالوا نرى والله الموفق للصواب والمعين عليه لو لم يكن في هذا غير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار” لكان قولا شافيا كافيا مغنيا عن كل قول، موجبا لقطع الضرر، وأن يمنع متخذو النحل من إتخاذها، فكيف وهو قول أصحابنا وقد وقعت هذه المسألة بعينها في كتاب السلطان من المستخرجة أنه ليس لأحد أن يتخذ نحلا تضر ببرج حمام قديم، وما أعلم بينهم في ذلك خلافا، وأجاب ابن وليد عن أخرى مثلها، فقال الذي نقول به إن كل ضرر يحدثه الرجل على جيرانه فهو ممنوع منه.

لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار” وليس يكون شيء من الضرر أبين من أن يأتي الرجل، ويدخل على أهل قرية ما يهلك نحلهم، ويؤذي صبيانهم، فيجب أن يمتنع هؤلاء من إدخال الأجباح في دورهم، ويقصرون على ذلك، إن شاء الله إذ لا يستطاع الإحتراس من النحل والحمام، كما يستطاع الإحتراس من البهائم، ولا ضرر أعظم من إتخاذ ما لا يستطاع الإحتراس من إذايته، وكما ذكرت المصادر الكثير عن إلقاء الزبل في أرض خربة، وسئل سحنون عن خربة لرجل وسط دور يلقى فيها الزبل، يلقيه أهل الحارة، غير أنه لا يعرف الذي يلقيه بعينه خاصة، فقال له جار الخربة التي إليها حائطه لصاحب الخربة الزبل الذي في الخربة أضر بحائطي، فقال له صاحب الخربة ليس من حارتي، وأنا أشتكي من أذاه لي في قاعتي مثل ما تشتكي أنت في حائطك من الأذى.

فأجاب بأن قال هي مثل الحائط يسقط للرجل، فيسد على الرجل مدخله ومخرجه، وزعم في آخر الكلام أنه على صاحب الخربة أن يدفع الزبل الذي في خربته الذي أضر بجاره، وإن قام صاحب الخربة على الجيران الذين حولها أخذهم بكنسها، قال أبو بكر كلام سحنون في الجيران إستحسان لأنه قد يرمي فيها غير الجيران، وكما ذكرت المصادر الكثير عن من أدخل شيئا من الزقاق في داره، وسئل عن رجل يدخل من زقاق المسلمين شيئا في داره، والزقاق نافذ، فلا يرفع ذلك الجيران إلى الحكم، ولا يشهدون به، إلا من بعد عشرين سنة، فأجاب يهدم بناؤه، ويرد إلى الزقاق، إذا صحّت البينة، ولا تملك الأزقة ولا تحاز، وليس فيها حيازة، وكما ذكرت المصادر الكثير عن من أحدث إصطبل خيل بداره، وسئل عمن أحدث خلف بيت جاره رواء وهو الإصطبل لدابة صغيرة.

فاشتكى صاحب الدار ضرر الدابة، فأجاب بوجوب زواله وإخراج الدابة منه، فصاح صاحب الدابة، وقال له ليس لي غنى عن الدابة لأن عليها معاشي، ولا بد منها، فاستفهم لي أهل المعرفة فيما يرفع الضرر عن جاري، فإرتفع عرفاء البنيان عن أمره، فقالوا يحفر أساسا، وينزل فيه قدر القامة خلف الحائط الذي هو صدر البيت، ويرفع في حفره حائطا من تحت وجه الأرض بخمسة أشبار إلى منتهى السقوف، وعرفوا القاضي بما أمروا به صاحب الدابة، فلما فعل ذلك انقطع الضرر عن صاحب البيت بذلك، فقال القاضي رحمه الله يشهد على صاحب الدابة بذلك لئلا يطول الزمان، وينتزع ذلك الحائط، ويستحق المربط بالقدم، وكما ذكرت المصادر الكثير عن في طين الأسواق والحارات.

وسئل عن طين الأسواق والحارات، هل يلزمهم رفعه عن الماء النجس، ينزع من الآبار فيضر بالمارة؟ فأجاب إذا كان زوال ذلك مصلحة، أجبروا على زواله، ويزيل كل قوم ما يقابلهم، ويمنع إجراء النجاسة في الطريق، وفاعل ذلك مأثوم، وقال ابن الحاج يمنع القاضي جري المياه والأوساخ في الأزقة.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *