مقال

صفة ذميمة يترفع عنها العقلاء


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلم تسليما كثيرا أما بعد اعلموا يا عباد الله أن الكذب يتولد من المهانة والدناءة وصغر النفس، ويقول ابن القيم وأما ‌الكذب والخسّة والخيانة والرياء والمكر والخديعة والطمع والفزع والجبن والبخل والعجز والكسل والذل لغير الله وإستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ونحو ذلك فكلها من المهانة والدناءة وصغر النفس، ويقول ابن مسعود رضي الله عنه ” ألا وإن شر الروايا روايا الكذب، ألا وإن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ولا أن يعد الرجل صبيه شيئا ثم لا ينجزه، ألا وإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، والصدق يهدي إلى البر.

والبر يهدي إلى الجنة، وإنه يقال للصادق صدق وبر، ويقال للكاذب كذب وفجر، وإن محمدا صلى الله عليه وسلم حدثنا أن الرجل ليصدق حتى يُكتب عند الله صديقا، ويكذب حتى يُكتب عند الله كذّابا، واعلموا أن الكذب من صفات المنافقين حيث يقول الإمام ابن القيم رحمه الله ومن صفاتهم التي وصفهم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ‌الكذب في الحديث، والخيانة في الأمانة، والغدر عند العهد، والفجور عند الخصام، والخلف عند الوعد وتأخير الصلاة إلى آخر وقتها، ونقرها عجلة وإسراعا، وترك حضورها جماعة، وأن أثقل الصلوات عليهم الصبح والعشاء، واعلموا أن ‌الكذب مفتاح النفاق، حيث قال الإمام الشعبي رحمه الله من كان كذابا فهو منافق، وقيل زرع النفاق ينبت على ساقيتين، ساقية ‌الكذب وساقية الرياء، والكذب صفة ذميمة يترفع عنها العقلاء.

ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن أبا سفيان أخبره من فيه إلى فيه، قال إنطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فينما أنا بالشام إذ جيء بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، وقد كان دحية بن خليفة جاء به، فدفعه إلى عظيم بُصرى، فدفعه عظيم بُصرى إلى هرقل، فقال هرقل هل هاهنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا نعم قال فدُعيت في نفر من قريش، فدخلنا على هرقل فأجلسنا بين يديه، وأجلسوا أصحابي خلفي، فدعا بترجمانه فقال قل لهم إني سائل هذا عن الرجل الذي يزعم أنه نبي فإن كذبني فكذبوه، فقال أبو سفيان وأيم الله لولا مخافة أن يؤثر علي الكذب لكذبت” وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا “

وقال شيخ الإسلام “الصدق أساس الحسنات وجماعها، والكذب أساس السيئات ونظامها، فإن الله سبحانه فطر القلوب على قبول الحق والإنقياد، والطمأنينة به، والسكون إليه، ومحبته وفطرها على بغض الكذب والباطل والنفور عنه، الريبة به، وعدم السكون إليه” ولقد أصبح سوء الظن في الناس متفشيا، وهذا له بواعث لإنتشار الشر الكثير، ولكن هذا لا يبرر أن يساء الظن بكل أحد، أو أن يفترض الإنسان بإخوانه المسلمين الشر أساسا، ويقول كنت أشك به دائما، إنه منافق، أو إنه من الخوارج، فلان أكل أموال الأيتام، وسرق من المقبرة، لقد جرحوا الخادمة، وأكلوا أموالها، إما أن يكون كذب، أو مبالغة، أو سمع جزءا من القصة ولم يسمع البقية، أو سمع من طرف واحد، وقد يكون الذي يتناقل صدق وحق، فكيف يتبين الإنسان؟ كيف يعرف؟ وهو التبين والتثبت إذن.

واستقصاء الأمر، والبحث عن أصل القصة، وأين الشهود العدول؟ وما هي البينة؟ وإن هنالك ضوابط شرعية في هذه القضية لا بد للمسلمين من معرفتها، وكم من دماء في التاريخ قد أريقت لأبرياء؟ وكم من أعراض قد إنتهكت؟ وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا ” ثم كيف نقبل الأخبار من مجاهيل، لا نعرف من الذي كتب في هذه الساحة، أو في غيرها، ومن الذي يروج هذه الإشاعة وغيرها.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *