مقال

صرخات خلف الابواب المغلقة لماذا يتزايد خطر التحرش

الجنسي بالاطفال
كتبت /منى منصور السيد
تمثل قضايا اغتصاب الاطفال والتحرش الجنسي بهم جرحا عميقا في جسد اي مجتمع وهي ظاهرة لا ترتبط ببيئة جغرافية محددة بل تنتشر باساليب مختلفة في جميع انحاء العالم لا يمكن اختزال اسباب هذا الوباء الاجتماعي في عامل واحد بل هي نتاج تضافر معقد لعوامل اجتماعية وثقافية ونفسية وقانونية تمنح المعتدي مساحة للتحرك وتصعب على الضحية الافصاح


يعد الصمت الاجتماعي احد اخطر العوامل التي تفاقم المشكلة ففي العديد من الثقافات تتحول جريمة الاعتداء الجنسي من فعل شنيع ارتكبه الجاني الى فضيحة تطال الضحية واسرتها هذا الخوف من الوصم والتشهير يدفع العائلات الى التكتم على الحادث مما يحقق ثلاثة اهداف للمعتدي الافلات من العقاب والتشجيع على التكرار وعزل الضحية وحرمان الطفل من الدعم النفسي اللازم للتعافي نجد حالات لضحايا كثر بعضهم من المشاهير حاليا كشفوا عن تعرضهم للاعتداء في مرحلة الطفولة على يد شخص موثوق به اقارب او معارف مؤكدين ان ما منعهم من الافصاح لسنوات هو التهديد بالفضيحة او عدم التصديق


شهد العصر الحديث تحولا خطيرا في اساليب الاستدراج والاعتداء حيث اصبح الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي اداة فعالة بيد المعتدين سهولة اخفاء الهوية وسرعة الوصول الى الاطفال عبر الالعاب وغرف الدردشة تعرف بـالاستدراج الالكتروني Grooming وهي قضية متنامية يتم استغلال صور ومقاطع فيديو الاطفال في دائرة الاستغلال الجنسي للاطفال عبر الانترنت CSAM وهي صناعة اجرامية عابرة للحدود كما يستغل المعتدون ضعف الاطفال ووحدتهم العاطفية متظاهرين بالصداقة او تقديم الهدايا لزرع الثقة قبل ارتكاب الاعتداء


من الاخطاء الشائعة الاعتقاد بأن المعتدي هو دائما شخص غريب تشير الاحصائيات العالمية الى ان الغالبية العظمى من المعتدين على الاطفال هم اشخاص معروفون وموثوق بهم من قبل الطفل او عائلته افراد اسرة ممتدة جيران مدرسون او مدربون هذا القرب يمنحهم سهولة الوصول وسلطة السيطرة حيث يستغلون موقعهم كشخص بالغ او موثوق به لترهيب الطفل واسكاته كما ان عوامل مثل التاريخ الشخصي للاساءة او الاضطرابات النفسية غير المعالجة تلعب دورا كبيرا في تحول الفرد الى معتد حيث يعكسون الاذى الذي تعرضوا له في الماضي


للحماية الفعالة يجب ان يعمل النظام القانوني والمجتمعي جنبا الى جنب لا بد من وجود تشريع رادع وعقوبات مشددة وناجزة تضمن عدم افلات الجاني من العقاب فبطء الاجراءات او الاحكام المخففة ترسل رسالة سلبية للمجتمع كما تبقى التوعية الوقائية خط الدفاع الاول والاهم يجب ان تتضمن المناهج الاسرية والمدرسية التوعية الجنسية الآمنة للاطفال حيث يتعلم الطفل مفهوم الجسد الآمن وكيف يقول لا والى من يلجأ عند الشعور بالخطر


ان مواجهة هذه الازمة تتطلب عملا مجتمعيا متكاملا يبدأ بـكسر ثقافة الصمت ومرورا بـتوفير الدعم النفسي المتخصص للضحايا وانتهاء بـتطبيق القانون بحزم لا يتهاون يجب ان ندرك ان صرخة طفل واحدة تحملنا جميعا مسؤولية الحماية والوقاية

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *