
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وناصر عباد المؤمنين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بذل حياته جهادا ونصرة حتى أتاه النصر المبين صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه التابعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد لقد وصف القرآن الكريم رب العزة سبحانه وتعالى بالصدق، فهو من الكمالات الإلهية الواجبة له سبحانه مما يليق بذاته المقدسة، حيث قال الله عز وجل في سورة النساء ” ومن أصدق من الله قيلا ” وكما قال الله تعالى في سورة آل عمران ” قل صدق الله ” وكما قال الله تعالى في سورة النساء ” ومن أصدق من الله حديثا ” وكما قال الله تعالى في سورة الفتح ” لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون “
وجمع القرآن العظيم وصف الصدق لله تعالى ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم في بيان قرآني واحد، حيث قال الله تعالى في سورة الأحزاب ” وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ” وعن صدق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم تأتي شهادة رجل كان من أشهر أعدائه حين شهادته، ولكنه لم يقدر على إخفاء شمسه الساطعة في صدقه صلى الله عليه وسلم، وهو أبو سفيان بن حرب رضي الله تعالى عنه وكان لا زال كافرا وقد راجعه قيصر الروم عن شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس، ثم يذهب فيكذب على الله” رواه البخاري في حديث طويل، وقد شهد له المقربون منه صلى الله عليه وسلم من أهل مكة في معاملاتهم اليومية حتى قبل البعثة الشريفة.
إذ لم يجدوا له في باب الصدق عثارا ولا توقفا حيث قال عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنهما لما نزلت الآية ” وأنذر عشيرتك الأقربين ” صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا، فجعل ينادي يا بني فهر، يا بني عدي، لبطون قريش، حتى إجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟ قالوا نعم، ما جربنا عليك إلا صدقا، قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت ” تبت يدا أبي لهب وتب ما أغني عنه ماله وما كسب ” ولما كانوا أخبر الناس به وبأخلاقه الحسان التي عرفوها وما أنكروها حيث نعتوه بالنعوت الطيبة ومنها أنه “الصادق الأمين” فجمعوا له من حاله وصفا بين الأمانة والصدق.
وهما من أعز المطالب في باب الأخلاق، وهم الذين آذوه لدعوته، وحملوه بكل السبل على ترك دينه، بيد أن أماناتهم كانت في يده، وقد أمّن عليها ابن عمه سيدنا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ليلة الهجرة ليردها إليهم، ويتحدث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن نفسه في باب الأخلاق نافيا عن نفسه البخل والكذب والجبن على الإطلاق، وذلك من رواية مطعم بن جبير رضي الله عنه ” أنه بينما يسير هو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الناس مقفلة من حنين، فعلقه الناس يسألونه، حتى إضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال أعطوني ردائي، لو كان لي عدد هذه العضاه كل شجر يعظم وله شوك نعما لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلا، ولا كذوبا، ولا جبانا” رواه البخاري،