
أشرف ماهر ضلع
تشهد صناعة الطيران العالمية حالة استنفار واسعة، بعد إصدار شركة إيرباص الأوروبية تحديثًا برمجيًا إلزاميًا لطائرات A320، تلاه استدعاء غير مسبوق لما يقارب 6000 طائرة من هذا الطراز الأكثر انتشارًا حول العالم، وذلك في واحدة من أكبر عمليات الاستدعاء في تاريخ الشركة الممتد لأكثر من نصف قرن.
تحركات عالمية وقرارات حاسمة
في أعقاب التحذيرات، سارعت العديد من شركات الطيران الدولية لاتخاذ إجراءات فورية، حيث أوقفت الهند تشغيل طائرات A320 إلى حين الانتهاء من التحديثات المطلوبة، بينما اضطرت الخطوط الجوية اليابانية إلى إلغاء 65 رحلة كاملة نتيجة الخلل البرمجي الذي طال أسطولها.
كما أعلنت طيران نيوزيلندا عن اضطرابات تشغيلية أثرت على رحلات A320-NEO، في حين أكدت الخطوط الجوية البريطانية أن الأزمة لن تؤثر على عملياتها إلا بشكل محدود، نظرًا لتضرر ثلاث طائرات فقط من أسطولها.
استجابة عاجلة من شركات الطيران السعودية
وفي السعودية، اتخذت شركات النقل الجوي خطوات ميدانية ومنهجية للحد من تأثير الأزمة:
الخطوط السعودية أعلنت متابعتها الدقيقة لتوجيهات السلامة العالمية الخاصة بطائرات A320، مؤكدة جاهزيتها لإجراء أي تعديلات لازمة والتواصل فورًا مع الركاب في حال طرأت تغييرات على الجداول التشغيلية.
طيران ناس أتمت إعادة معايرة البرمجيات في جزء من أسطولها، مما تسبب في زيادة زمن التجهيز بين بعض الرحلات وحدوث تأخيرات محدودة.
طيران أديل أكدت أن عددًا من طائراتها تأثر بالاستدعاء، وأنها بدأت بالفعل ضبط المعايير البرمجية والفنية، متوقعة عودة التشغيل الكامل بحلول الأحد 30 نوفمبر، مع إبلاغ المسافرين المتضررين عبر الرسائل والبريد الإلكتروني.
اضطرابات تمتد إلى كبرى شركات الطيران الدولية
شركة أميركان إيرلاينز—أكبر مشغل لطائرات A320 في العالم—أعلنت أن 340 طائرة من أسطولها البالغ 480 ستخضع للإصلاح، متوقعة الانتهاء من غالبية العمل خلال ساعات قليلة لكل طائرة.
وفي المقابل، أعلنت شركات لوفتهانزا وإنديجو وإيزي جيت عن إخراج طائراتها من الخدمة مؤقتًا لإتمام الإصلاحات التقنية.
أما شركة أفيانكا الكولومبية فأكدت أن الاستدعاء طال أكثر من 70% من أسطولها، بواقع 100 طائرة، مما تسبب في اضطراب كبير يستمر عشرة أيام ودفع الشركة إلى وقف بيع التذاكر حتى 8 ديسمبر.
خلفية الأزمة: أشعة الشمس تعطل بيانات التحكم
ووفقًا لإيرباص، يعود سبب الاستدعاء إلى حادث طيران خطير وقع في 30 أكتوبر الماضي، على متن رحلة جيت بلو بين المكسيك ونيوجيرزي، حيث تسببت أشعة الشمس المباشرة في إفساد بيانات أساسية تتحكم في أنظمة الطيران، ما أدى إلى فقدان مفاجئ للارتفاع وإصابة عدد من الركاب، قبل الهبوط اضطراريًا في فلوريدا.
هذا الحادث دفع وكالة الاتحاد الأوروبي لسلامة الطيران إلى إصدار توجيه طارئ ليلة أمس يلزم جميع الشركات بتنفيذ الإصلاحات فورًا، وسط توقعات بأن تتبع إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية المسار ذاته خلال ساعات.
وتشير مصادر في القطاع إلى أن أكثر من 1000 طائرة قد تحتاج إلى استبدال معدات إضافية إلى جانب التحديث البرمجي، مما قد يطيل مدة توقف بعض الطائرات عن الخدمة.
أكبر استدعاء في تاريخ إيرباص؟
يُعد هذا الاستدعاء واحدًا من أبرز الانتكاسات التي تواجه إيرباص، خاصة وأن طائرات A320 أصبحت رسميًا في الأسابيع الماضية الأكثر تسليمًا عالميًا متفوقة على طراز بوينغ 737.
ومع وجود 11300 طائرة من عائلة A320 قيد التشغيل حول العالم، فإن تأثير الأزمة مرشح لأن يكون واسعًا، رغم تأكيدات الشركة المصنعة أن إصلاح الخلل يتمثل أساسًا في “العودة إلى البرمجيات السابقة”.
وفي خضم ذروة موسم السفر في الولايات المتحدة، يبقى المشهد التشغيلي أمام اختبار حقيقي، مع تسابق شركات الطيران لإنجاز الإصلاحات وتجنب تعطّل حركة الملايين من المسافرين.

