وائل السنهورى نهلة كاظم
في إطار حرص الدولة المصرية على تعزيز مفاهيم الأمن القومي غير التقليدي وتنمية الوعي العام
استضافت مكتبة الإسكندرية ندوة وطنية كبرى برعاية الأستاذ الدكتور أحمد عبد الله زايد مدير المكتبة تحت عنوان معركة الوعي وذلك يوم الأحد الثامن والعشرين من سبتمبر عام ألفين وخمسة وعشرين
جاءت هذه الندوة لتسلط الضوء على أهمية الثقافة الوطنية في حماية الجبهة الداخلية ومواجهة التحديات الفكرية والإعلامية التي تتعرض لها الدولة المصرية في ظل متغيرات إقليمية ودولية شديدة التعقيد حيث اجتمع عدد من أبرز الشخصيات العامة والمثقفين والفنانين والخبراء الاستراتيجيين يتقدمهم اللواء الدكتور سمير فرج أحد رموز العسكرية المصرية والمفكر الاستراتيجي المعروف
وقد بدأت الفعاليات بعزف السلام الوطني لجمهورية مصر العربية في لحظة مهيبة حملت معاني الانتماء والولاء للدولة المصرية ثم وجه الحضور كلمة ترحيب خاصة بالرئيس عبد الفتاح السيسي تقديرا لدوره في قيادة البلاد خلال مرحلة من أدق مراحلها التاريخية
وفي كلمة مؤثرة تقدم الدكتور أسامة البدرشيني الخبير الدستوري والمحاضر بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية بالشكر لمكتبة الإسكندرية مؤكدا أنها ليست فقط مؤسسة ثقافية بل منبر وطني يسهم في حماية الهوية المصرية وتعزيز الوعي العام
ثم ألقى اللواء الدكتور سمير فرج كلمة شاملة وصف فيها المرحلة الحالية بأنها من أخطر الفترات التي تمر بها مصر نظرا لما تواجهه الدولة من تهديدات متعددة على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية حيث أشار إلى التحديات القادمة من الاتجاه الشرقي المرتبط بحدود غزة وسيناء وما تشهده من نشاط إرهابي متصاعد كما أشار إلى الاتجاه الشمالي الشرقي المرتبط بأمن البحر المتوسط وملفات الطاقة والغاز وأكد أن الاتجاه الغربي لا يقل خطورة نظرا للوضع الأمني في ليبيا وتدفقات السلاح والعناصر المتطرفة كما شدد على أن الاتجاه الجنوبي يمثل تحديا استراتيجيا في ظل قضية سد النهضة وتأثيراتها على الأمن المائي المصري
وأشار اللواء فرج إلى أن موقع مصر الجغرافي كما وصفه المفكر الراحل جمال حمدان يمثل عبقرية المكان وأن من لا يدرك قيمة هذا الموقع لا يستطيع أن يفهم حجم الضغوط التي تواجهها الدولة على كافة المستويات
ومن جانبه أكد الفنان والإعلامي تامر عبد المنعم وكيل وزارة الثقافة ورئيس البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية أن الثقافة تلعب دورا محوريا في بناء وعي المواطن ومواجهة محاولات الاختراق الفكري وأن الوزارة تعمل من خلال الفنون الشعبية والمسرح والموسيقى على ترسيخ قيم الانتماء الوطني والتصدي لأي تيارات فكرية هدامة
كما تحدث الفنان التشكيلي الدكتور خالد هنو موثق الإسكندرية عن دور الفنون البصرية في ترسيخ الهوية الثقافية السكندرية خاصة والهوية المصرية عامة مشيرا إلى أن الصورة والرمز واللون هي أدوات مقاومة فكرية لا تقل عن أي سلاح في معركة الوعي
وأعرب الأديب والصحفي والسيناريست الأستاذ سمير الجمل عن أهمية الكلمة الصادقة في حماية وعي المواطن مؤكدا أن السينما والرواية والمقال ليست مجرد أدوات ترفيه بل هي وسائل ناعمة قادرة على بناء عقل المواطن وتحصينه ضد حملات التشويه والإحباط
وفي ختام الندوة أجمع المتحدثون على أن معركة الوعي هي معركة المستقبل وأن الثقافة والإعلام والتعليم يمثلون الحصون الأولى لحماية الجبهة الداخلية للدولة وأن النخبة المثقفة مطالبة بالنزول إلى الميدان والاقتراب من الناس وتقديم خطاب وطني صادق وقادر على التفاعل مع التحديات
كما صدرت توصيات بضرورة استمرار مثل هذه الندوات في مختلف المحافظات لتعزيز الوعي المجتمعي وتحصين الشباب ضد حروب الجيل الرابع والخامس التي تستهدف عقولهم وولاءهم
مؤكدين أن حماية الوعي الوطني باتت واجبا وطنيا لا يقل أهمية عن حماية الحدود والموارد
واُختتمت الفعالية بتكريمات تقديرية قدمها اتحاد بشباها إلى عدد من الشخصيات الوطنية البارزة تقديرا لعطائهم وإسهاماتهم في دعم الوعي الوطني حيث تم تكريم اللواء الدكتور سمير فرج لدوره الرائد في التوعية الاستراتيجية والدفاع عن قضايا الأمن القومي كما تم تكريم الدكتور أسامة البدرشيني تقديرا لإسهاماته العلمية والقانونية في مجال الثقافة الدستورية والوعي القانوني العام
كما منحت الجهة المنظمة دروع تكريم لعدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ وممثلين عن البرلمان المصري بالإضافة إلى نخبة من القيادات الإعلامية والصحفية ورموز الدولة من مختلف الهيئات الرسمية الذين كان لهم دور بارز في دعم الجبهة الداخلية وتعزيز منظومة الوعي الوطني
وقد جاء هذا التكريم في ختام فعالية وطنية رفيعة المستوى عبرت عن تلاحم مؤسسات الدولة مع رموزها الثقافية والفكرية في مواجهة التحديات الراهنة وترسيخا لقناعة راسخة بأن معركة الوعي هي الطريق نحو مستقبل آمن ومستقر
