
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله الخافض الرافع نحمده أن أنزل القرآن على الناس يتلى وأذهب به عن الأرواح المواجع، يا ربنا لك الحمد على كل حال وواقع، اللهم إنا نشهدك على أنفسنا بأننا نشهد بأنك أنت الله رب كل شيء ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، محمد عبدك ورسولك، اللهم صل وسلم وبارك عليه واجعل له صلاتنا وديعة يا من لا تضيع عنده الودائع، وبعد عباد الله اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ثم أما بعد ذكرت المصادر التاريخية أن قيس بن زهير بن جذيمة العبسي صاحب الفرسين داحس والغبراء، قد تراهن مع حذيفة بن بدر، في بني بدر، علي الفرسين الذي يمتلكهما قيس وهما داحس والغبراء، وعلي الفرسين الذي يمتلكهما حذيفه وهم الخطار والحنفاء، وأنه قام حذيفة بعمل مكيدة حتي يفوز بالرهان وقام بتسليط رجل من قبيلته.
ليقوم بتأخير الفرسين داحس والغبراء، وبالفعل حدث ذلك، وبلغ الربيع بن زياد خبرهم فسره ذلك وقال لأصحابه هلك والله قيس، وكأني به إن لم يقتله حذيفة وقد أتاكم يطلب منكم الجوار، أما والله لئن فعل ما لنا من ضمه من بد، ثم إن الأسدي ندم على حبس داحس فجاء إلى قيس وإعترف بما صنع فسبه حذيفة، ثم إن بني بدر قصروا بقيس وإخوته وآذوهم بالكلام، فعاتبهم قيس فلم يزدادوا إلا بغيا عليه وإيذاء له، ثم إن قيسا وحذيفة تناكرا في السبق حتى هما بالمؤاخذة، فمنعهما الناس، وظهر لهم بغي حذيفة وظلمه، ولح في طلب السبق، فأرسل إبنه ندبة إلى قيس يطالبه به، فلما أبلغه الرسالة طعنه فقتله وعادت فرسه إلى أبيه، ونادى قيس يا بني عبس الرحيل، فرحلوا كلهم ولما أتت الفرس حذيفة علم أن ولده قتل، فصاح في الناس وركب في من معه وأتى منازل بني عبس.
فرآها خالية ورأى إبنه قتيلا، فنزل إليه وقبل بين عينيه ودفنوه، وكان مالك بن زهير أخو قيس متزوجا في فزارة وهو نازل فيهم، فأرسل إليه قيس أني قد قتلت ندبة بن حذيفة ورحلت فالحق بنا وإلا قتلت، فقال إنما ذنب قيس عليه، ولم يرحل فأرسل قيس إلى الربيع بن زياد يطلب منه العود إليه والمقام معه إذ هم عشيرة وأهل، فلم يجبه ولم يمنعه وكان مفكرا في ذلك، ثم إن بني بدر قتلوا مالك بن زهير أخا قيس، وكان نازلا فيهم، فبلغ مقتله بني عبس والربيع بن زياد، فإشتد ذلك عليهم ذلك وأرسل الربيع إلى قيس عينا يأتيه بخبره، فرجع الرجل إلى الربيع فأخبره، فبكى الربيع على مالك، وقال له أبيات من الشعر، فسمعها قيس فركب هو وأهله وقصدوا الربيع بن زياد وهو يصلح سلاحه، فنزل إليه قيس وقام الربيع فإعتنقا وبكيا، وأظهرا الجزع لمصاب مالك.
ولقي القوم بعضهم بعضا فنزلوا، فقال قيس للربيع إنه لم يهرب منك من لجأ إليك، ولم يستغنى عنك من إستعان بك، وقد كان لك شر يومي فليكن لي خير يوميك، وإنما أنا بقومي وقومي بك، وقد أصاب القوم مالكا، ولست أهم بسوء لأني إن حاربت بني بدر نصرتهم بنو ذبيان، وإن حاربتني خذلني بنو عبس إلا أن تجمعهم علي، وأنا والقوم في الدماء سواء، قتلت إبنهم وقتلوا أخي، فإن نصرتني طمعت فيهم، وإن خذلتني طمعوا في، فقال الربيع يا قيس إنه لا ينفعني أن أرى لك من الفضل ما لا أراه لي، ولا ينفعك أن ترى لي ما لا أراه لك، وقد مال علي مالك وأنت ظالم ومظلوم ظلموك في جوادك وظلمتهم في دمائهم، وقتلوا أخاك بإبنهم، فإن يبؤ الدم بالدم فعسى أن تلقح الحرب أقم معك، وأحب الأمرين إلي مسالمتهم ونخلو بحرب هوازن، وبعث قيس إلى أهله وأصحابه فجاءوا ونزلوا مع الربيع وأنشدهم عنترة بن شداد مرثيته في مالك، وبلغ حذيفة أن الربيع وقيسا إتفقا، فشق ذلك عليه وإستعد للبلاء.