
بقلم : خالد مصطفى
في ناس كتير جدا كتبت عن منطقة الراحة والتي يطلق عليها بالإنجليزية الكومفورت زون وفي ناس كتير عايشين جوا المنطقة دي برضاهم وناس كثير عايشين جواها وهم مش عارفين ومش فاهمين وأنا أعرف ناس كتير من دول ومن دول بس في الأول وفي البداية نقول للي مش عارف ايه هى منطقة الراحة واللي أنا بحب أسميها دائرة الضمور وأحيانًا دائرة الانكماش وتعريفها العلمي بأنها حالة سلوكية يمارسها الشخص بلا توتر بسبب اعتياده على ممارستها ضمن إطار روتيني محدد ينتج عنه تكيف ذهني يعطي الشخص شعور غير واقعي بالأمان وفي نفس الوقت يحد من قدراته على التقدم والتطور والابداع ، وهؤلاء المستمتعون بوجودهم داخل هذه الدائرة تجدهم دائما غير راضيين عن أسلوب حياتهم أو عن وضعهم المالي والاقتصادي ودائما يرغبون في التغيير ولكن هذه الرغبة تجدها في حديثهم فقط دون أي محاولة فعلية للتغيير الحقيقي لأن التغيير يحتاج إلى شجاعة كبيرة وخروج حقيقي من منطقة الراحة والضمور وهذا لم يعتادوه طوال تواجدهم في روتينهم اليومي المتكرر الذي يفتقد تمامًا إلى الشجاعة والمواجهة أو الاصرار او التقدم بعكس ما يفعله الناجحون على الجانب الاخر والذين يخطون خارج هذه الدائرة برغبة قوية وحقيقية في تحقيق أهدافهم فتجدهم يتعاملون مع واقع متغير مستمتعون بالمخاطرة واثقون بأن هذا هو الطريق لفتح فرص متجددة للمبادرة والنجاح ، أم بالنسبة للأشخاص الذين لا يعلمون بأنهم سجناء داخل منطقة الراحة فمن المؤكد أنهم يعانون من الأعراض التي سأذكرها لتسهل عليهم التعرف على كونهم داخل دائرة الضمور وهى :
- الخوف دائما من أي تجربة جديدة تحمل نوعًا من المخاطرة
- التردد كثيرا عند اتخاذ القرارات
- الإحساس بالرضا عن الوضع الحالي والإحساس بعدم الرغبة في التغيير
- عدم إنجاز أو تحقيق الطموحات او الاهداف
- عدم الإحساس بالحماس أو التحفيز
- الرغبة الدائمة في التأجيل أو التسويف
- الشعور بأن الحياة سهلة وتحت السيطرة
وهؤلاء أقول لهم أن خروجهم من منطقة الراحة أمر حتمي إذا أرادوا الحياة بمعناها الحقيقي فالسفن مثلا لم تصمم وتصنع لكي تبقى راسية في الموانىء بل للإبحار في أعالي البحار مهما كانت الرياح العاصفة والأجواء المحيطة وهى تقدر أن تصمد وتعبر بخبرة قبطانها وملاحيها فتذكروا هذا دائما .
العيش بمنطقة راحتك عزيزي القارئ أو عزيزتي القارئة يدور حول القيام بما هو آمن وسهل فإذا كنت تخشى تحمل المخاطر بسبب المجهول الذي يخيفك فأنت لن تكتشف نفسك أبدًا ولن تكتشف قدراتك لكى ترى نفسك الحقيقية والتي عندما تستطيع التواصل معها فأنت هنا تفتح لنفسك باب التغيير ، ارسم دائرة على الورق وأكتب فيها كل ما تواجهه في حياتك الآن حالتك أو وضعك المالي ٫ صحتك ٫صداقاتك وعلاقاتك ٫وضعك الوظيفي والاجتماعي وغيره وغيره مما هو متاح لك الآن وأنظر إليها جيدًا وأفهم أنها حياتك الحالية أما كل ما ترغبه ولا تملكه حاليا فهو خارج هذه الدائرة لأنه في منطقة اخرى نستطيع تسميتها بمنطقة النجاح ولذا فأنت لكي تنجح في الحصول على ما هو ليس لديك مطالب ولزاما عليك أن تخرج من منطقة الراحة الخاصة بك أو كما أحب ان أسميها دائرة الضمور ويرجع هذا الاسم الى حالة الضمور والانكماش التي تصيبك في حياتك واهدافك وطموحاتك وإنجازاتك والنمو الذي ترغب فيه والتقدم حتى في أوضاعك المالية والاجتماعية وغيرها كلها تضمر وتنكمش مع الوقت داخل هذه الدائرة وليس أمامك الا القرار الشجاع بالخروج السريع إلى المجهول حيث تصنع الأحلام وتتحقق الأهداف فمن المستحيل ان تنمو وتتعلم وأنت عالق داخل هذه الدائرة وتأكد بأنك تفقد كل يوم جزء من نفسك مع روتينك اليومي الذي يقتل ببطء كل روح الإبداع والابتكار عندك ، تول زمام القيادة الآن وقرر أن تخرج من هذه المنطقة وشق طريقك الجديد وأعلم بأنه ينطوي علي الكثير من التجربة والخطأ وتذكر بأن معظم الأشخاص الذين نجحوا في الحياة قاموا بعمل شيءٍ خارج عن المألوف وآمنوا بجمال أحلامهم ومضوا في طريقهم متسلحين بالقوة والإرادة ، لا تدع خوفك من الفشل يجعلك حبيس الروتين المألوف والمعتاد بل فكر جديًا في الخطوة القادمة وإلا سيكون السيناريو المتكرر دائما في حياتك هو التأجيل مرارًا وتكرارًا كلما فكرت في مواجهة شىء تخشاه ، وسيكون أقرب قرار إلى نفسك هو التسويف فعندما تظهر الصعوبات عليك أن تكون شجاعًا بما يكفي لمواصلة التقدم ، اعلم أن الخوف والحذر شعور طبيعي لكن من الممكن أن تحوله إلى أداة للنجاح ، قم بتأسيس عادات جديدة في حياتك وإضافات إيجابية حتى لو كانت بسيطة .
قف مع نفسك في مواجهة وأسأل نفسك من أنت ومن تكون وماذا تحب أن تصبح وماذا تكره وما الهدف من حياتك وإلى أين اتجاهك كل هذه الاسئلة واجه بها نفسك ستفيدك جدا هذه المواجهة ، ضع إطار زمني ومعيار واضح لقياس تقدمك في الخروج وأعترف بالحاجة الى التغيير واصنع روتين جديد لنفسك وليومك وتعلم شيءٍ جديد وطور من نفسك بشكل مستمر وإياك وفقدان الشغف في كل جوانب عجلة حياتك ومنها الجانب العقلي والجانب الشخصي والجانب النفسي والجانب الروحي وكذلك الجانب المهني والجانب المالي والاجتماعي والجسدي ثمانية جوانب إذا عملت عليها ستعرف كيف تغير حياتك .
حدد ما تريد وكن دقيقا وواضحًا مع نفسك فالوضوح يساعدك كثيرًا في أن تبني صورة إيجابية لذاتك وأعلم بأن الخروج من منطقة الراحة ليس معركة مع الظروف أو الاخرين بل هو مواجهة مباشرة مع ذاتك مع تلك النسخة التي انت عليها فالحكمة الحقيقية تكمن في إدراك أن الراحة ليست الا قيدا صامتًا وأن التحديات ليست عدوًا بل مرآة لذاتك فكل عقبة تقف أمامك ليست سوى انعكاس لما في داخلك واختبار لصبرك وشجاعتك ، تأكد بإنك قادر على التغيير الذي لا يبدأ من الخارج بل يبدأ عندما تواجه نفسك بصدق .
كن متأكدا من أن تحقيق الكمال لا يحدث أبدا ولكن مجرد محاولاتك في ذلك ستؤدي بك الى نتائج لم تكن تتخيل ابدا ان تصل اليها .
تأكد من أن تأجيل أهدافك الآن سيجعل من تحقيقها أصعب كثيرًا في المستقبل ، حاول كثيرا وأعلم بإنك ستكون سعيدًا جدا إذا فعلتها فالحياة ستصبح اكثر بهجة عندما تتعلم وتتواصل وتحدث تغييرًا إيجابيا في عالمك فأنت في منطقة راحتك ضائع ومختفي بين الناس ولا تترك أي أثر بينهم وكأنك غير موجود .
أخرج وستلاحظ وتندهش من حجم التغيير وستجد لديك القدرة على المضي في الحياة وعلى النجاح والتقدم والتأثير على الناس بعد أن كنت تابعًا مطيعًا للروتين اليومي ، ستجد هناك في دائرة النجاح فرصًا أكثر بكثير مما تتخيل تقدم نفسها اليك وسيكون العالم مكانًا أفضل وأنت جزء منه ،
اتخذ خطوات محسوبة ومدروسة نحو المجهول ولا تخف فالمجهول كما ذكرت هو مكان سحري تتحقق فيه الأحلام ، ابدأ الآن بإنشاء نسختك الأفضل من الشكل الذي تريد أن تبدو عليه حياتك ، الآن وليس غدًا .