مقال

حين تُهمّش القيم.. أي جيل سنقدّم للوطن


بقلم: رجب كمال
عضو النقابة العامة للصحافة والإعلام
في زمنٍ يُوصَف بالحداثة والانفتاح، لا تزال المجتمعات العربية تعيش صراعًا حادًا بين ميراثها القيمي العريق، وسلوكيات مستوردة لا تُشبهها في شيء، بل تهدد بطمس هويتها الأخلاقية والثقافية.


لقد أصبحت الأسرة اليوم أمام تحدٍّ وجودي، لا يتعلق فقط بتربية الأبناء، بل بصيانة المبادئ التي شكّلت، لعقود طويلة، البنية التحتية للأخلاق العربية الأصيلة.


ما نرصده اليوم من تحوّلات مقلقة في السلوك العام ليس وليد لحظة، بل نتيجة تراكمات ثقافية وإعلامية رسّخت مفاهيم “العين بالعين” بدل العفو، والعدوانية بدل التسامح، والمشهد الفجّ بدل القدوة. في زمن كانت فيه الأسرة تمارس دور المعلّم الأول، والدرع الحامي للقيم، أضحت اليوم، في كثير من الحالات، مجرد متفرّج على الانحدار الأخلاقي، أو شريك صامت في التهاون.


ولم يَعُد من الغريب أن نرى من يُعيَّر بخلقه، ويُنتقد لصونه، ويُطالَب بأن “يكون مثل غيره” من شباب جُرّدوا من ثياب الوقار لا في العرس فحسب، بل في الفكر والروح أيضًا. إنّ المأساة لا تكمن في وجود النموذج السيئ، بل في تهميش النموذج السليم واغتياله معنويًا.


من هنا، لا بدّ من نداء واضح لكل أب وأم، لكل معلّم وإعلامي، لكل من أوتمن على بناء جيل: استقيموا، يرحمكم الله.
فالوطن لا يقوم على المصانع والطرقات وحدها، بل على ضمير حيّ، ونفوس زُرعت فيها مبادئ التسامح، وحُفرت في وجدانها حدود الحلال والحرام، وتعلّمت أن القيم ليست عبئًا، بل نجاة.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *