
بقلم/نشأت البسيوني
في حياة كل إنسان لحظات بيحس فيها إن الدنيا وقفت للحظة وإن كل حاجة حوالينه اتبدلت من غير ما يفهم إزاي اتغير شكله في مرايته واتغير صوته وهو بيكلم نفسه واتغير إحساسه بالحاجات اللي كانت زمان بتفرحه وبتغيره دلوقتي من غير ما يعرف السبب كأن العمر بيجري بسرعه وهو مش قادر يلحق نفسه ولا يلحق تفاصيله اللي بتضيع منه وحدة ورا التانية ومع كل ده بيلاقي نفسه
واقف ساكت بيتفرج على الأيام وهي بتسحب منه أجزاء من روحه بدون ما تسأله وفي وسط ده بيكتشف إن الحياة مش دايما بتدينا فرصة نفهم اللي بيحصل جوانا وإننا ساعات بنكبر في ليلة واحدة ونفوق الصبح نلاقينا بقينا شخص تاني مش هو نفس الشخص اللي نام قبلها بساعات بنفوق نلاقينا أقوى في حاجات وأضعف في حاجات تانية بنفوق نلاقينا فقدنا ناس كنا فاكرين إنهم عمر وإننا
اتعلمنا نمشي من غيرهم وكأن الحياة كانت بتجهزنا من بدري للحظة الفراق اللي ماكناش مستعدين لها بنفوق نلاقينا بنشيل وجع أكبر من اللي يتحمله القلب وبنتكلم عن الألم كأنه ضيف عادي بيدخل ويخرج مننا من غير ما يسيبنا نرتاح وكل ما بنعدي سنة من عمرنا بنكتشف إن العالم ما بيتغيرش بس في شكله العالم بيتغير جوانا في روحنا في طريقة فهمنا للأمور في طريقتنا في الوقوف
بعد السقوط وفي نظرتنا للناس اللي كنا بنجري عليهم واتفاجئنا إنهم أول ناس مشيوا وقت ما احتجنا لهم بنكتشف إننا كبرنا لأن ملامحنا اتغيرت بس كبرنا أكتر لأن روحنا بقت فاهمة أكتر بقت تعرف قيمة نفسها وبقت تفهم إن مش كل اللي نريده لازم يكون نصيب وإن مش كل اللي بنحبه لازم يبقى باقي وإن مش كل اللي بنخاف نخسره فعلا يستحق وجوده جوه حياتنا ومهما اتغيرت
الأيام بنلاقي جوانا صوت صغير قوي هو الوحيد اللي ما بيتغيرش صوت بيقول لنا نكمل حتى لو الطريق مال أمامنا نكمل حتى لو مافيش حد فاهم وجعنا نكمل حتى لو كانت خطوة واحدة في اليوم لأن الخطوة دي ممكن تكون سبب في إننا نوصل لنسختنا الجديدة النسخة اللي بنتشكل من أجلها من أول يوم وعرفناهاش غير بعد ما كبرنا واتخبطنا واتوجعنا واتعلمنا وفي الطريق بنقابل
دواير كتير دواير فيها فرح ودواير فيها وجع ودواير فيها ناس بتدخل حياتنا وناس بتخرج من غير سابق إنذار وناس بتسيب أثر وناس بتسيب جرح وناس بتسيب حكمة وكلهم جزء من الحكاية حتى اللي تعبونا حتى اللي طلعوا من حياتنا من غير ما يودعونا لأن كل واحد فيهم له دور دوره إنه يعلمنا حاجة دوره إنه يشيل من طريقنا حاجة أو يحط قدامنا اختيار أو يخلي قلبنا يتغير علشان
يصبح أقوى ومع كل ده بنفهم إن اللي كان بيكسرنا زمان ما بقاش قادر علينا دلوقتي وإن اللي كان بيخوفنا بقى أقل من إننا نقفش منه وإن اللي كان كبير جوانا بقى صغير جدا قدام اللي اتعلمناه وإن اللي كنا بنشوفه نهاية بقى مجرد صفحة في كتاب طويل كتاب مش هيفهمه غير اللي كتبه واللي كتبه هو إحنا بس لأننا إحنا اللي عدينا كل سطر فيه ووحشنا كل كلمة فيه وتوجعنا من كل فصل من
فصوله وإحنا اللي كملناه رغم كل حاجة وقفت ضدنا وبالرغم من كل التغيرات اللي بتزقنا لقدام بالعافية أوقات وبالأمل أوقات بنلاقي نفسنا لسه قاعدين في آخر اليوم لوحدنا بنفكر تفكير هادي جدا تفكير ماحدش يسمعه غير إحنا تفكير بيسأل أسئلة كتير وإجابتها مش دايما واضحة زي ليه اتغير اللي كان قريب ليه ضاع اللي كنا بنتمسك بيه ليه تعب قلبنا للدرجة دي وليه ورغم كل ده
لسه قادر يحب ويعذر ويقف من جديد وبنرجع نهدى ونفوق ونفهم إن اللي بيحصل لنا مش صدفة ولا عشوائية كل حاجة بتمشي بدقة كل وجع له دوره كل فرح له وقته كل فراق له سببه وكل لقاء له حكمة وكل تأخير له معنى وكل حاجة بتتسحب من طريقنا بتكون بتتسحب علشان حاجة أكبر هتيجي مكانها وأجمل وأعدل
وفي النهاية بنفهم الحقيقة اللي بناخد وقت طويل جدا علشان
نوصل لها إن التغير مش عدو وإن الفقد مش نهاية وإن الوحدة مش عقاب وإن التعب مش ضعف وإن بكرة دايما جاي حتى لو اتأخر وإن القلب اللي انوجع ألف مرة يقدر يحب ألف مرة تانية وإن الروح مهما اتكسرت تقدر ترجع تتلحم وتتكمل لأنها اتولدت أصلا علشان تقوم من تاني كل مرة تقع فيها

