
بقلم / فوزي الفنيدي
قسم القانون العام – الإداري والدستوري
كلية الحقوق – جامعة جنوب الوادي بقنا
إذا نظرنا إلى ما تشهده امتحانات الثانوية العامة من أحداث، نجد أنفسنا أمام مشهد عبثي مؤسف يتكرر كل عام، حيث يلجأ بعض الطلاب إلى أساليب غش متطورة تكشف عن خطورة هذه الظاهرة. ولعل من أبرز ما يُستدل به على ذلك، تصريحات بعض أطباء الأنف والأذن الذين استخرجوا سماعات لاسلكية دقيقة من آذان الطلبة، تُستخدم خصيصًا للغش داخل اللجان.
ولا شك أن فترة الامتحانات تُعد من أصعب الفترات التي يمر بها الإنسان، بصرف النظر عن مرحلته العمرية أو الدراسية، فهي لحظة مصيرية يرى فيها الطالب أن مستقبله على المحك، وأحلامه قد تنهار إن لم يُحقق النجاح. هذا الشعور، رغم كونه دافعًا للبعض نحو الاجتهاد، يدفع آخرين – للأسف – إلى سلوك طريق الغش، دون أن يدركوا مدى خطورة ما يرتكبونه على المدى البعيد.
إن من ينجح بالغش يبني مستقبله على الوهم والضعف، وتتكون شخصيته العلمية على أساس هش، بينما من يُضبط متلبسًا بالغش، يتعرض لعقوبات قد تُدمّر مستقبله فعليًا. والمؤسف أن كثيرًا من الطلاب لا يستوعبون هذا المعنى، فيلجأون إلى وسائل غير مشروعة لتحقيق طموحات آنية، دون وعي بالعواقب.
أساليب الغش المنتشرة:
1. السماعات اللاسلكية (خصوصًا “النانو”): وتُعد الأصعب في الكشف من قِبل المراقبين، وأسهل وسيلة للطلاب القادرين ماليًا.
2. السماعات السلكية (الهاند فري): وتستخدمها غالبًا الطالبات.
3. الهاتف المحمول وتطبيقات المراسلة مثل “واتساب”.
4. الورق المصغر: وهي الطريقة التقليدية.
معالجة الظاهرة:
إذا تأملنا في أساليب الغش، سنجد أن أغلبها يعتمد على التكنولوجيا الحديثة، إما من خلال شبكات الاتصالات أو الإنترنت. وفي المقابل، تعترض عمليات التفتيش الوقائي عدة تحديات، مثل التفرقة بين الجنسين في التفتيش (طالب ذكر – مراقبة أنثى)، أو الخوف من إثارة المشاكل أثناء التفتيش، ناهيك عن تأثير الضوضاء على الطلاب المجتهدين داخل اللجان.
ومن هنا نطرح السؤال:
لماذا لا يتم استخدام “جهاز التشويش”؟
وهو جهاز يُستخدم لقطع الاتصالات اللاسلكية في نطاق معين، وقد أثبت فعاليته في بعض الجامعات المصرية التي استخدمته ونجحت في الحد من الغش بشكل كبير.
لماذا لا نستخدم هذا الجهاز في لجان الثانوية العامة رغم كل ما نشهده من حالات غش موثقة؟
لماذا لا نستخدمه وقد وصلت نسبة الرسوب في بعض كليات الطب إلى أكثر من 75% نتيجة اعتماد الطلاب على سماعات الغش؟
لماذا لا نستخدمه رغم ضبط نحو 500 سماعة غش في فصل دراسي واحد داخل كلية واحدة
فقط؟
إننا نطالب وزارة التربية والتعليم والجامعات المصرية والجهات المعنية بضرورة تبنّي استخدام أجهزة التشويش داخل اللجان، لما لها من أثر بالغ في قطع الاتصال بين الطالب وأي طرف خارجي، مما يسهم في ضبط سير الامتحانات، وتخفيف العبء عن المراقبين، وتقليل المواجهات مع الطلاب أثناء عمليات التفتيش.
وفي الختام، نؤكد على أهمية أن يمارس الطالب امتحانه في أجواء هادئة تحفظ كرامته وتوفر له الطمأنينة، ليُخرج كل ما لديه من جهد ومعلومات، فهدفنا هو بناء جيل واعٍ متسلح بالعلم الحقيقي لا الوهم.
والله الموفق والمستعان