
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله الخافض الرافع نحمده أن أنزل القرآن على الناس يتلى وأذهب به عن الأرواح المواجع، يا ربنا لك الحمد على كل حال وواقع، اللهم إنا نشهدك على أنفسنا بأننا نشهد بأنك أنت الله رب كل شيء ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، محمد عبدك ورسولك، اللهم صل وسلم وبارك عليه واجعل له صلاتنا وديعة يا من لا تضيع عنده الودائع، وبعد عباد الله اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن بداية الحلق وكيف خلق الله عز وجل المخلوقات، وإنه يجب علينا أيها الأخوة أن نفطن لأمر مهم جدا في قصة بداية الخلق، وهو ما منّ الله تعالى به على آدم لما وقع في الخطأ، وأكل من الشجرة إذ بادر بالتوبة، ولم يسلك مسلك إبليس الذي إستكبر وجادل وخاصم، فكانت هذه التوبة من آدم نعمة من الله تعالى.
وفضلا عليه أخرجه بها من غضبه إلى رحمته، وكانت لولده من بعده إذا استزلتهم الشياطين، فأبواب التوبة أمامهم مفتوحة، فهل نحن أهل لشكر المنعم سبحانه وتعالى على هذه النعمة العظيمة بلزوم التوبة، وكثرة الاستغفار؟ وكما أن هناك نعمة عظيمة أخرى إختص الله تعالى بها هذه الأمة التي تدين بدين محمد صلى الله عليه وسلم، تلك هي نعمة معرفة قصة بداية الخلق، وبداية الإنسان وبداية التكليف، ونهايات ذلك كله، فأمم الأرض من غير المسلمين تتخبط في ذلك كله بين أقوال أهل الكتاب التي داخلها من التحريف ما أفسدها، وبين أوهام الفلاسفة والمنظرين والكهان والعرافين والمنجمين، ولقد كانت هذه القضية وأعني هنا معرفة البداية والنهاية سببا في إنتحار كثير من غير المسلمين، وشقاء الباقين منهم، وحيرتهم في أمرهم ومصيرهم، وقد هدى الله تعالى المسلمين إلى معرفة ذلك.
عن طريق الوحي الذي تكفل الله تعالى بحفظه، فتجد الشيخ المسلم الكبير العامي الأمي يعرف ذلك تمام المعرفة على وجه الإجمال، كما تجد الطفل الصغير في مجتمعات المسلمين يفهم ذلك ويتصوره، وقد عجز عن معرفته كبار النظَّار والفلاسفة من غير المسلمين، فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام، وعلى نعمة القرآن، ونسألك اللهم الثبات على الحق إلى الممات، وكل يوم وكل عام من عمرنا يمر علينا فهو يبتدئ ثم ينتهي، وكما كان للدنيا بداية فإن لها نهاية، وكما يولد الإنسان فإنه يموت، وإذا مات الميت قامت قيامته، فاعتبروا يا عباد الله وإتعظوا وأحسنوا أعمالكم تحسن خواتمكم، وقد إختلف العلماء في أول المخلوقات على أقوال، فالقول الأول هو أن العرش هو أولها، ويدل عليه حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، والقول الثاني هو أن أول المخلوقات القلم.
ودليل هذا القول حديث عبادة بن الصامت، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رويناه عنه أولى قول في ذلك بالصواب لأنه كان أعلم قائل في ذلك قولا بحقيقته وصحته، فقال “أول شيء خلقه الله عز وجل القلم” من غير إستثناء منه شيئا من الأشياء أنه تقدم خلق الله إياه خلق القلم، بل عم بقوله صلى الله عليه وسلم “إن أول شيء خلقه الله القلم” كل شيء، وأن القلم مخلوق قبله من غير إستثنائه من ذلك عرشا ولا ماء ولا شيئا غير ذلك” وقال الشيخ الألباني مؤيدا لما قرره الإمام الطبري، ورادّا على من قال بخلق العرش قبل القلم “وفيه رد على من يقول بأن العرش هو أول مخلوق، ولا نصّ في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يقول به من قال كالإمام ابن تيمية وغيره إستنباطا واجتهادا، فالأخذ بهذا الحديث وفي معناه أحاديث أخرى أولى لأنه نص في المسألة.
ولا إجتهاد في مورد النص كما هو معلوم، وتأويله بأن القلم مخلوق بعد العرش باطل لأنه يصح مثل هذا التأويل لو كان هناك نصّ قاطع على أن العرش أول المخلوقات كلها ومنها القلم، أما ومثل هذا النص مفقود، فلا يجوز هذا التأويل” وأما عن القول الثالث وهو أن أول شيء خلقه الله تعالى النور والظلمة، وهذا القول منسوب لابن إسحاق كما ذكر ذلك الطبري في تاريخه، وابن الجوزي في “المنتظم” وقد ردّه الطبري بقوله ” وأما ابن إسحاق فإنه لم يسند قوله الذي قاله في ذلك إلى أحد وذلك من الأمور التي لا يدرك علمها إلا بخبر من الله تعالي أو خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن الجوزي “ولا يقبل هذا مع الحديث المرفوع”.