مقال

الملك الحقيقي للدنيا


بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وسيدنا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن نعمة الأمن وما أدراكم ما نعمة الأمن التي كانت أول دعوة لأبينا الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، حيث قدّم الخليل إبراهيم نعمة الأمن، على نعمة الطعام والغذاء، لعظمها وخطر زوالها، فإن نعمة الأمن تشكل مع العافية والرزق، الملك الحقيقي للدنيا، فعن عبيد الله بن محصن الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها” رواه الترمذي وابن ماجه.

وإن الديار التي يفقد فيها الأمن صحراء قاحلة وإن كانت ذات جنات وارفة الظلال وإن البلاد التي تنعم بالأمن تهدأ فيها النفوس وتطمئن فيها القلوب وإن كانت قاحلة جرداء، في رحاب الأمن يأمن الناس على أموالهم ومحارمهم وأعراضهم وفي ظلال الأمن يعبدون ربهم ويقيمون شريعته ويدعون إلى سبيله، في رحاب الأمن وظله تعم الطمأنينة النفوس ويسودها الهدوء وترفرف عليها السعادة وتؤدي الواجبات باطمئنان من غير خوف هضمٍ ولا حرمان، ولو إنفرط عقد الأمن ساعة لرأيت كيف تعم الفوضى وتتعطل المصالح ويكثر الهرج وتأمل فيمن حولك من البلاد ستجد الواقع ناطقا، فيا عباد الله اعلموا أن الأمن والإيمان قرينان، فلا يتحقق الأمن إلا بالإيمان حيث قال تعالى ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” وإذا تخلى أبناء المجتمع عن دينهم.

وكفروا بنعمة ربهم أحاطت بهم المخاوف، وإنتشرت بينهم الجرائم، وإنهدم جدار الأمن وادلهم ظلام الخوف والقلق وهذه هي سنة الله التي لا تتخلف في خلقه، وإن الأمن الذي نعيشه و نتفيؤ ظلاله، إنما هو منحة ربانية ومنة إلهية مربوطة بأسبابها ومقوماتها والتي من أعظمها، إقامة شرع الله وتنفيذ حدوده وتحقيق عقيدة التوحيد ومناصرتها والدعوة إليها، فيا عباد الله لا بد أن ندرك أن نعمة الأمن لا توجد إلا بوجود مقوماتها، ولا تدوم إلا بدوام أسبابها والتي من أعظمها توحيد الله والإيمان به، والتخلص من خوارم العقيدة ومجانبة البدع والخرافات، وحتى نحافظ على الأمن في البلاد، فلا بد من تربية الأمة على طاعة الله والإستقامة على شرعه والبعد عن معصيته وإن النفوس المطيعة لا تحتاج إلى رقابة القانون وسلطة الدولة لكي تردعها عن الجرائم.

لأن رقابة الله والوازع الإيماني في قلب المؤمن يقظ لا يغادره في جميع الأحوال، ونحافظ على الأمن بالتمسك بالكتاب والسنة والعناية بالعلم الشرعي فالعلم عصمة من الفتن، وللتعليم الشرعي أساس في رسوخ الأمن والإطمئنان، قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ” وإذا ظهر العلم في بلد أو محلّة قلّ الشر في أهلها، وإذا خفي العلم هناك ظهر الشر والفساد” والعلماء الربانيون والدعاة المخلصون هم ورثة الأنبياء، وفي ملازمتهم وزيارتهم وسؤالهم والإستنارة بآرائهم سداد في الرأي وتوفيق للصواب ودرء للمفاسد وتأويل نصوص الشريعة على غير وجهها سبب إنحراف الفهوم، ومنها ينطلق الأعداء لتلويث عقول الناشئة، ويزداد أثره حينَ يضعف التحصن بعلوم الدين والشريعة، ونحافظ على الأمن بالقيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

على المستوى الفردي والشعبي والرسمي، فهو صمام أمان يمنع الشرور والآفات عن المجتمعات وبه يحصل العز والتمكين، وكما نحافظ على الأمن بالعدل في كل جوانب الحياة، فالراعي مع رعيته والأب مع أهله وزوجاته وأولاده، والمعلم مع طلابه والرئيس مع مرؤوسيه وصاحب العمل مع عماله، ومتى تحقق العدل دام الأمن بإذن الله، وكما نحافظ على الأمن بتهيئة المحا ضن التربوية للشباب والناشئة ودعم كل المؤسسات العاملة في تربية الناشئة من حلق تعليم القرآن والنوادي الصيفية والمخيمات الدعوية التي تعمل وفق الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *