
“المسجد الأقصى” يشهد حادثة جديدة والشرطة تؤكد أنها استثنائية
تقرير : يارا المصري
يظلّ المسجد الأقصى المبارك في قلب مدينة القدس رمزًا دينيًا وروحيًا للمسلمين حول العالم، ووجهة أساسية للعبادة والرباط. غير أنّ هذا الموقع المقدّس يشهد بين الحين والآخر أحداثًا مثيرة للجدل، حيث يقوم بعض المستوطنين اليهود بمحاولات تُعتبر استفزازية داخل الحرم أو على أبوابه، ما يؤدي إلى توترات متكرّرة مع المصلين.
منذ سنوات، برزت ظاهرة الاقتحامات المنظمة للمسجد الأقصى عبر باب المغاربة، بمجموعات من المستوطنين الذين يقوم بعضهم بممارسات دينية داخل ساحات المسجد. هذه المظاهر عادةً ما يُنظر إليها من قِبل المسلمين والمقدسيين على أنها انتهاك واضح للوضع القائم التاريخي والقانوني الذي ينظم الدخول والصلاة في الأقصى. ورغم أنّ معظم هذه الحالات تمر دون أحداث كبيرة، إلا أنّ بعضها يثير احتجاجات واسعة من المرابطين والمصلين.
الاثنين الماضي، شهد الأقصى واقعة جديدة عندما قام أحد المستوطنين بالنفخ في الشوفار (البوق الديني اليهودي) بالقرب من باب المغاربة، وهو ما اعتُبر تجاوزًا غير مألوف وخرقًا لحرمة المكان. ردّ فعل المصلين كان فوريًا، إذ تعالت أصوات الهتافات: “بالروح بالدم نفديك يا أقصى”، في مشهد يعكس حساسية الأجواء داخل الحرم، ورفض المصلين لأي فعل قد يُفسَّر على أنه مساس بالمقدسات الإسلامية.
في أعقاب الحادثة، أوضحت الشرطة الإسرائيلية أنّ ما جرى يُعتبر حالة استثنائية لا تعبّر عن الوضع الطبيعي داخل الأقصى، مؤكدة أنها تتحرك بشكل فوري لمنع أي خروقات مشابهة. وأشارت الشرطة إلى أنها تبذل قصارى جهدها للحفاظ على النظام العام داخل المسجد وحوله، وضمان حرية العبادة للمسلمين مع احترام الوضع القائم الذي ينص على أن الصلاة في الأقصى حكر على المسلمين.
كما أكدت أنّ الإجراءات الأمنية الموضوعة تهدف إلى منع التصعيد، وأنها تعمل بشكل دائم على موازنة حساسية المكان الديني مع واجبها في حفظ الأمن، معتبرة أنّ ما يحدث من بعض الأفراد لا يمثّل سياسة رسمية، بل يُصنَّف ضمن تصرفات فردية معزولة يتم التعامل معها فورًا.
رغم تأكيد الشرطة أنّ هذه الحوادث محدودة، إلا أنّها لا تمر مرور الكرام بالنسبة للمصلين والمرابطين، الذين يرون فيها مؤشرًا على محاولات متكررة لتغيير الطابع الديني للأقصى. هذه النظرة تولّد شعورًا بالقلق والخوف من أن تتحول الحوادث الفردية إلى ممارسات ممنهجة، في ظل السياق السياسي والأمني العام في القدس.
في المقابل، تصر السلطات الإسرائيلية على أنّها حريصة على الحفاظ على الوضع الراهن، وتعتبر أنّ ما يقع من تجاوزات ناتج عن أفراد يتم ردعهم سريعًا. وتشدّد الشرطة على أنّ مهمتها الرئيسة هي ضمان الأمن والاستقرار ومنع تكرار أي ظاهرة قد تشعل توترًا دينيًا أو سياسيًا واسعًا.
تبقى حرمة المسجد الأقصى قضية حساسة تتجاوز حدود القدس لتصل إلى العالم الإسلامي بأسره. وبينما يرى المقدسيون في كل استفزاز تهديدًا لهويتهم وحقوقهم، تؤكد الشرطة الإسرائيلية أنّها تتعامل مع هذه الأحداث كحالات استثنائية، وتعمل على الحد منها بكل الوسائل المتاحة.
ومع استمرار هذه الحلقة من الاستفزاز وردود الفعل، يبقى التحدي الأكبر هو الحفاظ على قدسية الأقصى كرمز ديني جامع، ومنع أي أحداث فردية من أن تتحول إلى أزمة أكبر تهدد الاستقرار في المدينة والمنطقة.