
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد اعلموا يرحمكم الله إن طعام أهل الجنة وشرابهم فهو ألذ وأشهى من طعامنا وشرابنا، فإنه ليس كمطاعمنا الراقية ولا كبوفيهاتنا المفتوحة، فعليك أن تستمع إلى من صنع طعام الجنة سبحانه وتعالي وهو يصف هذا الطعام فيقول تعالي ” وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون” فإن فاكهة الجنة ألين من الزبد وأحلى من العسل وأبيض من اللبن، وإذا إشتهيت الفاكهة في الجنة، فهل تظن أنك تتكلف صعود النخيل والأشجار، لكي تجني التمر والثمار؟ لا والله بل هي كما قال الله تعالي.
“قطوفها دانية ” أي يأكل منها القائم والقاعد والمضطجع، ويرى أحدهم الطير في السماء فيشتهيه، فإذا به يسقط بين يديه ناضجا شهيا حيث يقول تعالي ” ولحم طير مما يشتهون” وأما شرابهم فحدث عن الكافور والسلسبيل والتسنيم والزنجبيل وهما عينان تجريان وعينان نضاختان، ويصف الله تعالي أنهار الجنة وهي تجري بالأشربة اللذيذة فيقول ” فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمرة لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفي ” ولقد جاء القرآن العظيم بتشريعات عادلة، احتوت أحكاما كُليّة، ومبادئ عامة، في كل فروع التشريع، وإن القرآن العظيم بحق منهاج كامل وشامل، جاء بكليات الشريعة والأصول، في العبادات، والمعاملات، والأسرة، والميراث، والجنايات، والحدود، وأنظمة الحكم، واعلموا يرحمكم الله.
إن من وسائل حفظ الأعراض وحراستها هو الحجاب، فالحجاب هو دليل على الفضيلة وقائد إلى الحشمة وحماية للمجتمع من الفاحشة والرذيلة، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء ولا سبيل إلى الحد منها إلا بالحجاب والقرار في البيوت فقال عليه الصلاة والسلام ” ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ” متفق عليه، وعند الإمام مسلم أنه قال ” فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن فتنة بني إسرائيل في النساء ” ولذلك فرض الله على المسلمات ستر مفاتنهن، وعدم إبداء زينتهن، والحجاب والجلباب هو دليل على توقير المرأة وهيبتها فإن المرأة المحجبة مهابة موقرة في مأمن من الإيذاء وتطاول الفسقة وإيذاء السفهاء وقال صلى الله عليه وسلم ” المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان” رواه الترمذي، وكما أن الحجاب حصن حصين للمرأة يحميها من الأعين الجائعة.
والقلوب المريضة، فالمحجبة لا تتسابق النظرات الجارحة إليها، ولا تواجه أذى الفساق، لأنها حفظت أوامر الله تعالى فحفظها، وقد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه على كل سلامى من الناس صدقة سلامى المفصل، يعني على كل مفصل من المفاصل صدقة؛ لأن الإنسان خلق من ثلاثمائة وستين مفصلا، هذا الإنسان قاله النبي عليه الصلاة والسلام، فكل مفصل من نعم الله عليك، مفاصل يديك ورجليك وظهرك وغير ذلك من المفاصل التي أنعم الله بها عليك، تشرع لك الصدقة عنها، تصدق بما تيسر، والصدقة ما هو بالمال فقط بالمال وبغير المال، قال صلي الله عليه وسلم “أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به، إن لكم بكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة،
وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة قال وفي بضع أحدكم صدقة، بضعه يعني جماعه لزوجته، قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فهكذا إذا وضعها في حلال يكون له أجر، فليست الصدقة محصورة في الأموال، ولهذا لما قال الصحابة يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور، قال “وما ذاك؟” قالوا يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم، وفي لفظ قالوا لهم فضل الأموال يتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق، ما عندنا أموال فقال عليه الصلاة والسلام أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به؟ يعني ما هو محصور في المال، فإن لكم بكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة،
وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، وبكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، وفي لفظ آخر والكلمة الطيبة صدقة الكلمة الطيبة تقولها لأخيك صدقة، أيضا، وكل معروف صدقة.

