مقال

الفتن الخطيرة على المسلم


بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله وفَّق من شاء لمكارم الأخلاق وهداهم لما فيه فلاحهم يوم التلاق أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الخلاّق، وأشهد أن محمدا عبد الله وسوله أفضل البشر على الإطلاق صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فضيلة الصدق والصادقين، ومن مجالات الصدق هو الصدق مع الله، وذلك بإخلاص الأعمال كلها لله تعالي، وكما أن من مجالات الصدق هو الصدق مع الناس، فلا يكذب المسلم في حديثه مع الآخرين، وكما أن من مجالات الصدق هو الصدق مع النفس، فالمسلم الصادق يعترف بعيوبه وأخطائه ويصححها، وكما ذكرت المصادر الإسلامية أن هناك حالات ثلاث يرخص للمرء فيها أن يكذب.

ولا يعاقبه الله على هذا بل إن له أجرا على ذلك، وهذه الحالات هي الصلح بين المتخاصمين، وأيضا الكذب على الأعداء في حال الحرب، وكذلك في الحياة الزوجية فليس من أدب الإسلام أن يقول الرجل لزوجته إنها قبيحة ودميمة، بل على الزوج أن يطيب خاطر زوجته، إن ما ابتليت به الأمة من أمراض فتاكة وغلاء في الأسعار وإنتشار الفقر والشدة في البلاد وغيرها من الأمراض الاجتماعية الأخرى سببه هو المعاصي والذنوب والميل عن منهج الله جل وعلا، وما أجمل مقولة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ” إن للحسنة ضياء في الوجه ونورا في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق وإن للسيئة سوادا في الوجه وظلمة في القبر والقلب، ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضة في قلوب الخلق” وقال بعض السلف إني لأعصي الله.

فأرى ذلك في خلق دابتي، وامرأتي” فكم من نعم ذهبت يوم اقترفت المعاصي؟ وكم حُرم الناس من خير عميم من ذنب فاسق أثيم، يجري الغمام فوق الديار، فلا ينزل عليهم الغيث المدرار، لما كسبته قلوبهم من الأخطال، فذاقوا من أمرهم الوبال؟ فإذا انتبه القلب إلى موضع الامتحان والاختبار، كان ذلك عونا له على الحذر واليقظة والاحتياط، أن يستغرق وينسى ويخفق في الامتحان والفتنة، ومن أجل ذلك حذر الله المؤمنين من الاشتغال بالأموال والأولاد عن ذكره، فإن فتنة الأموال والأولاد فتنة عظيمة لا تخفى على ذوي الألباب، إذ إن أموال الإنسان عليها مدار معيشته وتحصيل رغائبه وشهواته، ودفع كثير من المكاره عنه، ومن أجل ذلك يتكلف في كسبها المشاق، ويركب الصعاب ويكلفه الشرع فيها التزام الحلال واجتناب الحرام ويرغبه في القصد والإعتدال.

ويتكلف العناء في حفظها، وتتنازعه الأهواء في إنفاقها، ويفرض عليه الشارع فيها حقوقا معينة وغير معينة، كالزكاة ونفقات الأولاد والأزواج وغيرهم، وأما الأولاد فحبهم مما أودع في الفطرة، فهم ثمرات الأفئدة وأفلاذ الأكباد لدى الآباء والأمهات، ومن ثم يحملهما ذلك على بذل كل ما يستطاع بذله في سبيلهم من مال وصحة وراحة، وإن من الفتن الخطيرة على المسلم هو أن يجعل الدنيا أكبر همه، ومبلغ علمه، ومحور سعيه، وغاية وجوده، وإن من غلب حب دنياه على حب دينه، وقدَّم شهواته على طاعة مولاه، فقد وقع في حبائل الشيطان الجسام، ومصائده العظام، وﻣﻦ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﺃﻳﻘﻦ ﺃﻥ ﻧﻌﻴﻤﻬﺎ ﺍﺑﺘﻼﺀ، ﻭﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻨﺎﺀ، ﻭﻋﻴﺸﻬﺎ ﻧﻜﺪ، ﻭﺻﻔﻮﻫﺎ ﻛﺪﺭ، ﻭﺃﻫﻠﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻞ، ﺇﻣﺎ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺯﺍﺋﻠﺔ، ﺃﻭ ﺑﻠﻴﺔ ﻧﺎﺯﻟﺔ، ﺃﻭ منية ﻣﺎﺿﻴﺔ، فمسكين من ﺍﻃﻤﺌﻦ ﻭﺭﺿﻲ ﺑﺪار ﺣﻼﻟﻬﺎ ﺣﺴﺎﺏ.

ﻭﺣﺮﺍﻣﻬﺎ ﻋﻘﺎﺏ، ﺇﻥ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ ﺣﻼﻝ ﺣُسب ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﻥ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﻋُﺬﺏ ﺑﻪ، ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻐﻨﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ فتن، ﻭﻣﻦ ﺍﻓﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺰﻥ، ﻣﻦ ﺃﺣﺒﻬﺎ ﺃﺫﻟﺘﻪ، ومن ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻧﻈﺮﻫﺎ ﺃﻋﻤﺘﻪ، فاللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولوالديهم ولذرياتهم ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، عباد الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *