
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى صحابته الغر الميامين، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، ثم أما بعد ذكرت المصادر التربوية والتعليمية أن من أساليب التعلم هو التدريب على التعليم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفوض أحد الصحابة الجواب عن سؤال السائل ليدربه على التعليم، وليعلم ما لديه من علم ومعرفة، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص ” أقض بينهما” قال وأنت ها هنا يا رسول الله؟ قال ” نعم ” قال على ما أقضي؟ قال ” إن إجتهدت فأصبت لك عشرة أجور، وإن إجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد ” رواه الدارقطني.
وعن عقبة بن عامر قال جاء خصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختصمان فقال لي قم يا عقبة أقضي بينهما، قلت يا رسول الله أنت أولى بذلك مني، قال ” وإن كان، أقض بينهما فإن إجتهدت، فأصبت فلك عشرة أجور، وإن إجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد ” رواه الدارقطني، وعن نمران بن جارية عن أبيه أن قوما إختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في خص كان بينهم فبعث حذيفة يقضي بينهم، فقضى للذين يليهم القمط، فلما رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخبره فقال ” أصبت، وأحسنت ” رواه ابن ماجه، وكما أن من أساليب التعلم هو إمتحان المتعلم بشيء من العلم ليقابله بالثناء إذا أصاب، وهذا أسلوب يفيد المعلم في معرفة ما لدى المتعلم من علم، والثناء يفعل فعله في المتعلم حرصا ومواظبة، فعن أبي بن كعب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
“يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال قلت الله ورسوله أعلم، قال ” يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ” قال قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم، قال فضرب في صدري وقال ” والله ليهنك العلم أبا المنذر ” رواه مسلم، ولما بعث النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال أقضي بكتاب الله، قال فإن لم تجد في كتاب الله، قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله، قال أجتهد رأيي ولا آلو فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره، وقال الحمد لله الذي وفق رسول، رسول الله لما يرضي رسول الله ” أبي داود، وكما أن من أساليب التعلم هو التعليم بالمداعبة والممازحة.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب ويمازح أصحابه وهذا من طيب أخلاقه وحسن معشره، لكنه ما كان يقول إلا حقا، وكان يستغل المداعبة والممازحة في التعليم والتوجيه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علينا ولي أخ صغير يكني أبا عمير وكان له نغر يلعب به فمات، فدخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فرآه حزينا فقال ما شأنه؟ قالوا مات نغره، فقال ” يا أبا عمير ما فعل النغير ” رواه أبي داود، وقد فقه العلماء من هذه القصة أمور منها تخصيص الإمام بعض الرعية بالزيارة، وجواز الممازحة وأن ممازحة الصبي الذي لم يميز جائزة، وجواز حمل العالم علمه إلى من يستفيده، وجواز تكنية من لم يولد له، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات، وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه، ومعاشرة الناس على قدر عقولهم ومداركهم.