مقال

الأعمال العدائية وحماية المدنيين


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى ونبيه المرتضى، معلم الحكمة وهادي الأمة صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا أما بعد ذكرت المصادر العلمية والتربوية الكثير عن أضرار الصراعات والحروب، وما ينتج عنها وأنه ينبغي دائما التمييز بوضوح بين المقاتلين وغير المقاتلين، ويسمح بمهاجمة المقاتلين ما لم يكونوا قد توقفوا عن القتال، أما المدنيون فهم محميون من الإستهداف والهجمات، لكنهم يفقدون هذه الحماية في أثناء مشاركتهم بصورة مباشرة في الأعمال العدائية.

وبالطبع تشمل هذه الحماية جميع المدنيين بمن فيهم أولئك التابعون للعدو، وعلى نحو مماثل أيضا، ينبغي التمييز بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية، فالأهداف العسكرية فقط يمكن مهاجمتها، بينما الأعيان المدنية لا ينبغي أن تصبح هدفا للهجوم ما لم تتحول إلى أهداف عسكرية، كما أن أعمال العنف أو التهديد به التي يكون الغرض الرئيسي منها هو نشر الذعر بين السكان المدنيين فهي محظورة، ونتيجة لمبدأ التمييز فإن الهجمات العشوائية المحظورة هي الهجمات غير الموجهة ضد أهداف عسكرية محددة، والهجمات التي تستخدم أساليب أو وسائل قتال لا يمكن توجيهها بإتجاه أهداف عسكرية محددة، وأيضا الهجمات التي تستخدم أساليب أو وسائل قتال لا يمكن الحد من آثارها وفق متطلبات قانون النزاعات المسلحة، ومن الأمثلة على الهجمات العشوائية.

هي كالقصف المدفعي أو إطلاق الصواريخ في الإتجاه العام للهدف من دون تحديد نقاط إستهداف محددة، أو قصف المناطق المأهولة بالسكان من دون إختيار الأهداف العسكرية المنفردة والمحددة بوضوح، والموجودة في تلك المنطقة، وتطاول الأضرار الجانبية جوانب عدة في الحروب، منها الخسائر المدنية التي تشمل الوفيات والإصابات بين السكان المدنيين، الذين لا يشاركون في العمليات العسكرية، وقد تحدث هذه الخسائر بسبب القصف الجوي والقذائف المدفعية أو حتى العمليات البرية، أيضا النزوح الجماعي أي نزوح السكان المدنيين من منازلهم، إذ يواجه اللاجئون والنازحون داخليا ظروفا معيشية صعبة في مخيمات موقتة، وقد لا يتمكنون من العودة إلى ديارهم لسنوات، أضف إلى ذلك المعاناة الإنسانية والنفسية بخاصة الأطفال.

إذ يعاني الناجون من الحرب إضطرابات نفسية طويلة الأمد مثل إضطراب ما بعد الصدمة، مما يؤثر في جودة حياتهم وقدرتهم على التأقلم، وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت من تفاقم الأوضاع في غزة جراء الحرب الدائرة، وقالت إن الوضع يستعصي على الوصف، وأشارت إلى الآثار والعواقب النفسية الطويلة الأمد على الناجين والأسر، وتشير التقديرات إلى مقتل ما يقارب ربعمائة طفل، أو ما يقارب اثني عشر طفلا يوميا، خلال الصراع الذي إستمر ثلاثة وثلاثون يوما في عام ألفان وسته، أما في الحرب الحالية ووفقا لتقرير لمنظمة اليونيسيف فقتل خمسين طفلا في غضون يومين فحسب، وهما الإثنين والثلاثاء في الثالث والعشرين، والرابع والعشرين من سبتمبر الماضي، فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله كما أمركم الله في كتابه وقال صلى الله عليه وسلم “من صلى عليّ صلاة واحدة، صلى الله عليه بها عشرا”

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *