
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد إنه من تدبر موارد التقوى في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله المصطفي محمد عليه الصلاة والسلام، علم أنها سبب كل خير في الدنيا والآخرة، فلشدة الحاجة إلى التقوى ولعظم شأنها، ولكون كل واحد منا، بل كل واحد من المسلمين في أشد الحاجة إلى التقوى والإستقامة عليها، فأقول كل من تدبر موارد التقوى في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، علم أنها سبب كل خير في الدنيا والآخرة، فأنت يا عبد الله إذا قرأت كتاب ربك من أوله إلى آخره، تجد التقوى رأس كل خير.
ومفتاح كل خير، وسبب كل خير في الدنيا والآخرة، وإنما تأتي المصائب والبلايا والمحن والعقوبات بسبب الإهمال أو الإخلال بالتقوى وإضاعتها، أو إضاعة جزء منها، فالتقوى هي سبب السعادة والنجاة وتفريج الكروب والعز والنصر في الدنيا والآخرة، وقد ذكرت المصادر الكثير عن الشبكة العنكبوتية الإنترنت، وعن إدمان الشباب والفتيات وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة، ومن الآثار الخبيثة لوسائل التواصل الإجتماعي أنها جرأت الفساق والفاسقات على الشرع الحكيم بالخوض فيه بلا علم، ورد النصوص أو تأويلها، وتهوين الواجبات والمحرمات، وبث الشبهات لإسقاط كثير من الأحكام كما هي طريقة أهل الأهواء، ويتلقف ذلك العامة فيصابون بالشك في بعض أحكام دينهم، وتكثر البلبلة والجدال في أوساطهم، ومجالس الناس شاهدة على تفشي هذه الظاهرة بعد إنتشار هذه الوسائل.
حتى صار الإنقسام بين الناس، وإختلافهم على دينهم ظاهرا في مجتمعات المسلمين، وأخطر من ذلك أن الزنادقة والملحدين إستغلوا وسائل التواصل الإجتماعي لكسر المقدسات في نفوس المسلمين، وتهوينها في قلوبهم بالتسمي بأسماء الله تعالى، أو الإتصاف بأوصافه سبحانه، أو السخرية به عز وجل، أو الطعن في رسله وكتبه وشرائعه، والواجب حماية القلوب من الميوعة والليونة في هذه الجوانب وذلك بتجنب الإطلاع على كلام الزنادقة والملحدين، وحظر حساباتهم، وحذف قوائمهم، وتنبيه من يصله شيء من ذلك إلى حذفه مباشرة وعدم الإلتفات إليه، ولا إرساله لغيره حتى يموتوا بغيظهم، ويحصن المؤمنون عن إلحادهم وتجديفهم، وأهل البدع ينشرون بدعهم عبر وسائل التواصل الإجتماعي في صور من يدعون إلى الخير، فيشيعون أحاديث موضوعة وقصص مكذوبة.
وأعمال غير مشروعة، فيتلقفها جهلة الناس، ويتبرعون بنشرها محتسبين أجرها، والواجب على من بلغه شيء من ذلك أن يتثبت بسؤال أهل العلم عن صحته قبل نشره، فإن تبين خطؤه نبه مرسله إليه ووعظه، فإن وسائل التواصل الإجتماعي إبتلاء من الله تعالى لعباده، والإبتلاء إما أن يؤول بالعبد إلى الخير، وإما أن يؤول به إلى الشر، فإذا تجاوزه العبد بخير إختيار كان نعمة عليه، وخيرا له، وإن أخفق فيه كان نقمة عليه وشرا له، ووسائل التواصل الإجتماعي أوعية لتخزين الخير أو الشر ونشرهما، وإنها مسارب لبث الهدى أو الضلال، وأدوات لإظهار الحق أو الباطل، فهي بحر متلاطم من الشر والإثم والشهوات والباطل، يجري في وسطه نهر عذب من الحق والبر والخير، فمن لزم وسط النهر حاز خيرها وبعد عن شرها، ومن فارق نهر الخير فيها وقع في بحر الإثم والفجور.
ومن لزم حافة نهر الخير فيها إغترف منه وإغترف من بحر الإثم، والأغلب في الناس التخليط بينهما، فيستقبل خيرا وشرا وحقا وباطلا، وينشره، ولكن العبرة في الإكثار من هذا والإقلال من ذاك، ومن عجز عن قصر نفسه على خيرها، وأسرف في شرها، فالسلامة لا يعدلها شيء، ولو إعتزلها كلها، وأراح نفسه منها، فلا له ولا عليه، وكل عامل سيجد عمله فلينظر العبد لنفسه لا لغيره.

