
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين المستوجب لصفات المدح والكمال والمستحق للحمد على كل حال، لا يحصي أحد ثناء عليه بل هو سبحانه كما أثنى على نفسه بأكمل الثناء وأحسن المقال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، هدى به الناس من الضلال، ووضع عنهم الآصار والأغلال، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن علاقة الإنسان بالبيئة وكيفية المحافظة عليها، ولقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم تنظيف الشوارع من القاذورات والقمامة وعوادم وسائل النقل الضارة وإماطة الأذى عنها مما يحصل به الثواب، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
” إياكم والجلوس بالطرقات، قالوا يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، قال فأما إذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه، قالوا وما حقه؟ قال غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر” متفق عليه، وإماطة الأذى كلمة جامعة لكل ما فيه إيذاء الناس ممن يستعملون الشوارع والطرقات، والرسول صلى الله عليه وسلم حث على حماية البيئة ومكوناتها، وليس أدل على ذلك من وصاياه التي أوصى بها جيشه في غزوة مؤتة وهو يتأهب للرحيل “لا تقتلوا امرأة، ولا صغيرا رضيعا، ولا كبيرا فانيا، ولا تحرقوا نخلا، ولا تقلعن شجرا، لا تهدموا بيوتا ” وهذا في الحرب ومن باب أولى في السلم وتزخر السنة النبوية بالدعوات المتكررة للحفاظ على البيئة ومن ثم الحد من أثر الظواهر الطبيعية مثل الإنجراف والتصحر والجفاف.
وفي هذا الإطار يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان له صدقة” صحيح مسلم، وقال اتقوا الملاعن الثلاث قال وما الملاعن يا رسول الله قال “أن يقعد أحدكم في ظل يستظل فيه أو في طريق أو في نقع ماء” وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال، قال صلى الله عليه وسلم اتقوا اللعانين، قالوا وما اللعانين يارسول الله ؟ فقال الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم ” رواه مسلم، فأين نحن مما نراه اليوم في شوارعنا وأمام بيوتنا من القمامات والقاذورات فالمحافظة على البيئة مسؤولية الجميع لأن الضرر لا يستثنى أحدا والأذى يتأثر به الجميع، وقد قال الله تعالى ” ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ” وقد بين البيان الإلهي أن الشرك والمعاصي سبب لظهور الفساد في العالم.
وأن هذا الفساد سوف يعم كل الأرض برها وبحرها ومن يقطن بهما من الكائنات الحية، وإن من ينظر في عالمنا نظرة دقيقة متفحصة يتبين له أن درجة الفساد قد وصلت إلى أعلى نسبها، لذلك يجب علينا إعلان حالة الخطر في أعلى درجاتها فقد بلغ السيل أعلاه إما أن نغرق و نهلك، أو نرجع إلى ربنا الرحيم، وديننا القويم فننقذ أنفسنا، وأولادنا من عذاب محقق جزاءا وفاقا لما فعلته أيدينا، وتهاوننا، وإن مصطلح البيئة لفظ مستحدث في لغتنا العربية إشتق من كلمة باء أي رجع إلى مستقر، وجاء بالمعجم الوسيط أن البيئة هما المنزل والحال، وجاء في قاموس المنجد في اللغة أن البيئة هي الحالة، ويقال ” إنه حسن البيئة ” أي حسن الحالة، وقد إستخدم علماء المسلمين كلمة البيئة إستخداما إصطلاحـيا منذ القرن الثالث الهجري وربما كان ابن عبد ربه صاحب العقد الفريد.
هو أقدم من نجد عنده المعنى الإصطلاحي للكلمة، والذي يشير إلى الوسط الطبيعي الجغرافي والمكاني والإحيائي الذي يعيش فيه الكائن الحي، كما يشير إلى المناخ الإجتماعي السياسي والأخلاقي والفكري المحيط بالإنسان، وقد عرفت البيئة في الاصطلاح الحديث بأنها كل ما هو خارج عن كيان الإنسان وكل ما يحيط به من موجودات مرئية أو غير مرئية مثل الماء والهواء.

