مقال

أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله المحمودِ بجميع المحامد تعظيما وثناء، المتصف بصفات الكمال عزة وكبرياء، الحمد لله الواحد بلا شريك القوي بلا نصير، العزيز بلا ظهير الذي رفع منازل الشهداء في دار البقاء وحث عباده على البذل والفداء، أحمده سبحانه حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمة الكرام النجباء وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن هناك قاعدة عظيمة وأصل شريف وهو ” لا يومن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير” فإن تطبيقات هذا الأصل العظيم واسعة متعددة، وعلى سبيل المثال إذا أراد هذا الذي يسير في الطريق أن يرمي شيئا في طريق الناس.

هل يرضى أن يُرمى هذا الشيء أمام باب داره، أو في فناء بيته؟ أو هل يرضى أن يرمي أحد أمامه شيئا وهو من ورائه فيتضرر بذلك؟ إذا وضع هذا الميزان فإنه لن يفعل، هل يرضى أحد وهو في طريقه وقد أضاءت إشارة المرور الخضراء أن يأتي شخص مستهتر متهور، فيقطع الإشارة أمامه، فيعرضه وأهله أو غيرهم للهلاك والموت، وهل يرضى أن يكون ذلك نحوه؟ فهو كذلك قبل أن تكون هناك كاميرات المراقبة أو حضور شرطي المرور، فهو يراقب الله جل وعلا، يعلم أن قطعه للإشارة أنه مضر بالآخرين، فكذلك لا يرضى هو أن يضر به، فكم فقد من الأرواح في مثل هذه المخالفات، وتأملوا في هذه القصة التي حكاها ورواها نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أن رجلا باع آخر عقارا، فلما قبضه وحازه، وجد في هذا العقار في هذه الأرض وجد بداخلها كنزا، فماذا كان موقفه؟

رجع إلى صاحبه الذي باعه الأرض، وقال يا فلان، إني اشتريت منك أرضا ولم أشتري منك الكنز، فخذ هذا الكنز الذي كان فيها، فقال له البائع إنما بعتك الأرض وما فيها، فالكنز لك ومن حقك، فاختصموا في أن كلا منهما يدفع هذا الكنز ويراه أنه ليس من حقه، وهذا منطوق هذا الحديث منطوقا عمليا تطبيقيا “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” وأتم نبينا صلى الله عليه وسلم القصة، وقال إنهما احتكما إلى رجل، قال هل عندكما شيء من الولد؟ قال أحدهما عندي غلام، وقال الآخر عندي جارية، قال فزوجوهما، وأنفقوا عليهما من مال هذا الكنز، فما أكرمه من زواج وما أعظمه من مصاهرة أن تكون على هذا النحو الطاهر التي تسمو فيه هذه النفوس، وهكذا أيضا حينما يريد أن يبيع أو يشتري، أو يريد أن يخطب من الناس، أو غير ذلك من التعاملات.

هل يرضى أن يعامل بالإخلال؟ لا يرضى بذلك، فهو كذلك أيضا لا يقبل من نفسه بمقتضى إيمانه أن يخل بحق أحد من الناس، وما أحسن ما قال بعض العلماء أن المقصود من هذا الحديث هو أن من جملة خصال الإيمان الواجبة أن يحب المرء لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه، وأن يكره له ما يكرهه لنفسه، فإذا زال عنه ذلك، فليعلم أنه قد نقص إيمانه بذلك، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأبي هريرة “أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما” رواه الترمذي وابن ماجه، فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله كما أمركم الله في كتابه وقال صلى الله عليه وسلم “من صلى عليّ صلاة واحدة، صلى الله عليه بها عشرا” اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

osama elhaowary

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *