
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله برحمته إهتدى المهتدون، وبعدله وحكمته ضلّ الضالون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، تركنا على محجّة بيضاء لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء والظنون، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ثم أما بعد من الطبيعي عند إقتراب الحرب وإشتداد الكرب أن يشعر الناس بشيء من الخوف والقلق على أنفسهم ومصالحهم، ومثل هذا لا سبيل إلى رفعه ودفعه، وليس فيه كبير خطر ما دام في درجته الطبيعية التي تناسب الحدث، فإذا كان لا سبيل إلى دفعه، فمن الحكمة أن يوظف التوظيف الصحيح، حتى يكون دافعا للجد، دفاقا بالأعمال الإيجابية التي تلتقي في إستشعار المسئولية والدفاع عن مصالح البلاد ووحدة الصف.
والمحافظة على الأمن ورأب الصدع والقيام بمصالح المسلمين، أما حين يخرج الخوف والقلق عن صورته الطبيعية التي تناسب الحدث، فهو شر وخطر يتعين إجتثاثه ومقاومته، فهو في بعض صوره خطر على العقيدة لأنه يعارض أصلا من أصولها، وهو الخوف من الله تعالي الذي لا يجوز أن يبلغ مبلغه خوف من أحد فسبحانه وتعالي القائل ” فلا تخافوهم وخافوني إن كنتم مؤمنين” وسبحانه وتعالي القائل ” فلا تخشوهم واخشوني” وهذا الضرب من الخوف يدفعه تعزيز معنى التوكل على الله تعالي في القلوب، وملؤها باليقين والثقة بالله وحسن الظن به، وإحياء معاني الإيمان في النفوس من خلال التذكير بالآيات والأحاديث التي ترسخ هذه المعاني في القلوب، وتربي عليها النفوس فسبحانه وتعالي القائل “الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل”
فلما صدقوا في توكلهم على الله عز وجل كفاهم شر أعدائهم، وتحققت لهم العاقبة المنتظرة، التي وعدها الله المتوكلين عليه فسبحانه وتعالي القائل “فانقلبوا بنعمة من الله وفضلٍ لم يمسسهم سوء” وفي آية أخرى يقول تعالي ” أليس الله بكافي عبده ويخوفونك بالذين من دونه ” ثم قال جل جلاله وهو يلقن عباده الجواب الذي يطوح بهذا التخويف فسبحانه وتعالي القائل “قل حسبي الله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون” وذكرت المصادر الكثير عن الحروب وما تصنعة من دمار وخراب في البلدان، حيث تؤدي الحروب إلى خسائر فادحة بين طرفي الصراع أو لدى الدولة المعتدى عليها حيث تسفر نتائجها المباشرة عن تدمير بالبنية التحتية وإزهاق للأرواح، وتدمير للاقتصاد فتقصف الموانئ والمطارات والمخازن بتنوعاتها، وتلحق ضررا بالغا بالطرق ومساراتها وتنوعاتها.
فتكاد تتوقف الحركة، ناهيك عن تعطل عمل كافة المؤسسات الإنتاجية وخروج المؤسسات الخدمية وخاصة الصحية منها عن العمل بالإضافة لحالة الذعر والخوف والخشية من الموت المتوقع على مستوى الفرد المسلح والمواطن الأعزل، وللحروب أثار باقية لا حصر لها على مستوى الفرد والجماعات إذ تخلف الفرقة وتزيد النزاع وفقد الثقة وتشوه الحياة بكامل مكوناتها، فيعاني السكان من حالات نقص شديد سواء في الحصول على الطاقة، أو الغذاء، أو حتى الماء النظيف، ومن ثم تتزايد معدلات الوفاة بشكل متسارع، وتقل حالات الإنجاب بقدر كبير، فالمعاناة البشرية فادحة، فتتفاقم الأمراض النفسية وتبعاتها، وتتنامى حالات التشرد والفقر والجهل، وتعيش المجتمعات في عصور من الظلام والجهل والتردي على كافة المستويات، وإذا ما تطرقنا للوضع الإقتصادي.
جراء الحروب بصورة مفصلة، نجد أن الدولة التي تدخل براثن الحروب تحتاج لدعم مادي طارئ وسريع وإستثنائي يلبي جزءا قليلا من الإحتياجات الأساسية التي تتزايد من لحظة لأخرى حيث يصبح هناك عجز شبه تام وتوقف عن الإنتاج بكافة صوره ومساراته، ومن ثم يسقط الإقتصاد في الهاوية، ويخلف عوزا بالغ الخطورة في شتى مجالات الحياة.