مقال

قوة القلب


بقلم/نشأت البسيوني

في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتكاثر المعلومات وتزدحم الأخبار حولنا يصبح الإنسان في موقف دائم من البحث عن الحقيقة وسط زحام الواقع الذي يفرض نفسه على كل لحظة من حياته لا يعرف الإنسان أحيانا من أين يبدأ وكيف يفرق بين ما يسمعه وما يراه وما يختبره بنفسه الحياة أصبحت سلسلة من المواقف التي تحتاج إلى وعي عميق وفهم ناضج لكل تفاصيلها لأن كل تجربة تمر بنا تحمل

معها دروسا قد تكون قاسية أو مليئة بالأمل والتفاؤل الإنسان يتعلم من الفشل قبل النجاح ويصقل شخصيته من خلال مواجهة تحدياته اليومية فلا شيء في هذا العالم يأتي بلا جهد أو تضحية أو صبر والوعي الحقيقي ليس في إدراك ما حولنا فقط بل في فهم أنفسنا واختياراتنا وقدرتنا على التعامل مع المتغيرات التي قد تبدو أحيانا خارجة عن إرادتنا الحياة مدرسة كبيرة لا تنتهي ونحن طلاب فيها

دائمون نتعلم من كل لحظة ومن كل شخص نلتقيه ومن كل موقف نمر به وعلينا أن ندرك أن قيمة الإنسان لا تقاس بما يمتلكه من أشياء مادية أو مكانة اجتماعية بل بما يحمله من قيم وأخلاق ومبادئ تمكنه من مواجهة صعوبات الحياة بثبات وبقلب صادق وروح متسامحة إن إدراكنا لذاتنا ولقدراتنا وإيماننا بأننا قادرون على التغيير والتأثير في من حولنا هو ما يجعل حياتنا مليئة

بالمعنى والهدف وليس مجرد مرور لحظات بلا جدوى الإنسان الذي يعرف نفسه ويعي واقعه ويستثمر كل طاقاته في تنمية ذاته ومساعدة الآخرين هو الذي يترك أثرا حقيقيا وراءه لأن أثر الإنسان في الحياة لا يقاس بما يحصل عليه بل بما يقدمه ومن خلال ذلك يكون لديه القدرة على أن يعيش حياة متكاملة متوازنة مليئة بالإيجابية والعطاء وليس مجرد حياة روتينية يمر فيها بلا إحساس

بالمسؤولية أو بالواجب أو حتى بالحب والحياة لمن يفهمها ويقدر قيمتها ويستغل كل دقيقة فيها في بناء ذاته ومجتمعه وأن يظل دائما يسعى نحو الأفضل لا يتوقف عند الصعوبات ولا يرضى بالقليل بل يطمح للأفضل ويخلق الفرص ولا ينتظرها من الآخرين وهكذا تصبح الحياة رحلة مستمرة من التعلم والنمو والاكتشاف والتي لا تتوقف أبدا لأن كل يوم جديد يحمل معه تحديات جديدة

وفرصا جديدة لتكون أفضل نسخة من نفسك في النهاية الإنسان الذي يعي قيمة الوقت ويستثمر كل لحظة فيه ويعيش بصدق مع نفسه ومع من حوله هو الذي يجد المعنى الحقيقي لحياته ويشعر بالسعادة والرضا مهما كانت الظروف لأن السعادة ليست في الحصول على كل شيء بل في القدرة على التقدير والامتنان لكل ما يمر به الإنسان من لحظات صغيرة وكبيرة وتجارب صعبة وسهلة

فهي جميعا جزء من الرحلة التي نصنعها بأنفسنا والتي تجعل من الحياة تجربة تستحق العيش والتذكر والإنسان الذي يجد الله في قلبه وفي كل ما يحيط به يكتسب القوة والطمأنينة والقدرة على مواجهة الصعاب بثقة وهدوء ويعلم أن كل تجربة وكل تحدي هو فرصة للنمو والتقرب أكثر إلى الله الذي يمنح الإنسان القدرة على الصبر والتحمل والأمل في غد أفضل والاتكال عليه في كل شؤون

حياته وبهذا يصبح الإنسان متمكنا من حياته وقادر على رسم مستقبله ومساعدة الآخرين وتحقيق الخير في كل مكان ويظل القلب مشعلا بنور الله والإيمان الذي يوجهه إلى كل ما هو صالح وعادل ويجعله يعيش حياة مليئة بالمعنى والهدف والإنسان الذي يحيا بهذا الوعي يعيش في سلام داخلي ويشعر بالرضا والسعادة مهما كانت الظروف لأنه يعرف أن الله معه في كل خطوة وكل

لحظة وكل تجربة يمر بها وأن كل ما يحدث له هو جزء من حكمة عظيمة تعلمه وتعزز شخصيته وتجعل منه إنسانا أفضل وأكثر وعيا وأكثر عطرا في مجتمعه وكل يوم يمر عليه يزيده قربا إلى الله ويزيده إدراكا لقيمة الحياة وجمالها ويجعله قادرا على تقدير كل شيء من حوله والاستمتاع بكل لحظة والعمل الدؤوب لتحقيق الأفضل لنفسه ولمن حوله هذا هو معنى الحياة حين يجد الإنسان

الله في قلبه ويتخذ من الإيمان دليلا ومن العمل طريقا ومن الحب شعلة ومن الصبر قوة ويصبح بذلك قادر على أن يحيا حياة حقيقية مليئة بالسلام الداخلي والرضا والقوة والعطاء والوعي وكل لحظة يمر بها تتحول إلى تجربة غنية بالدروس والفرص وكل نفس يعيشه الإنسان يصبح أقرب إلى ذاته وإلى خالقه وإلى الآخرين وهكذا تكتمل الرحلة ويجد الإنسان معنى وجوده وقيمة حياته

ويشعر بالطمأنينة والسكينة في كل وقت وكل مكان ويظل يسعى نحو الأفضل ويعمل بلا كلل أو ملل مستلهما من الله الإيمان والأمل والقدرة على الاستمرار والنمو وتحقيق الخير في كل مكان

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *